أهازيج الوجع.. للقاصة الجزائرية: حياة  فريدة  بوشامة .. قريبا عن ” مدارات دار الأمير “

أحمد  ختاوي |  ناقد – الجزائر

خشخشة التعاطي  مع  ثنائية  الموت بين  القاصة  الجزائرية حياة فريدة بوشامة وفرانز كافكا

إذا  كان  كافكا  خاصة في روايته  “المسخ”  قد  تعاطى مع  الرعب كمنطلق، بمده  السريالي، في تنامي متنه مع  ظاهرة  الموت والرعب  ككابوس ضليع  في مقارعة الذات

فإن  القاصة  الجزائرية حياة  فريدة  بوشامة  في مجموعتها القصصية  الموسومة  بـ “أهازيج الوجع”، التي ستصدر  قريبا  عن  دار الأمير للنشر، نزعت من  هذه الجدلية   فكرة  أو بالأحرى “زبدة” الإلحادية الخرساء ” مع  تقاطع  مع فرانز  كافكا في  كيفية إنماء –  وريّ الموت كيقين من  منظور

فإن  القاصة  الجزائية أعادت تشكيل  مبنى الموت كيقين وحتمية  حياتية.. ومنعطف، فيما يذهب كاكفا وغيره إلى أن  الموت  كابوس، فيما  الموت  عند  الكاتبة  حياة  فريدة  بوشامة  ليس  عملية  جنائية بقدر ما  هو  حتمية  كينونية لا مفر  منها، في  شقها العَقدي، تُمهر باليقين كموئل وليس كابوسا.. لا كوجهة  بنائية  في تسريد الممكن وتقاطعه مع   اللاممكن  كما يذهب  إلى ذلك أغلب المتعاملين  مع  الموت في  العمل  السردي  كأنه  جناية..

منعطف  هذا التنامي  التسريدي  لدى  القاصة حياة  فريدة  – تشكيلا  يقينيا –  سكن  مجموعها القصصية  “أهازيج  الوجع  بعمق  وامتداد 13  قصة  من  مجموع  14 قصة  في  المجموعة  التي تتربع  على 65 ص  من  الحجم  المتوسط،  ما  عدا قصتها “أبناء  القهر”.

القاصة  الجزائرية  حياة فريدة  بوشامة  لم  تجعل في ذات  المجموعة “الموت”  رداء  تسريديا  لتعاطيها مع الحتمية  الكونية ، الكينونية أو  عبر  مسار  تطاقي  اعتباطي مستمد  من  رؤية  خامدة أو تركن  بين  مطيات كابوس يراودها أو  يراود أبطالها  مثلما  حدث لفرانز كافكا ، وإنما  جاء  نتيجة توحيد رؤى اجتماعية  لشخوصها  كمنعطف تواتري بين  ثنائية الحياة  والموت  كتقاطع  مفصلي لابد  من  إدراكه  ولو بتداعيات موجعة  في  التعاطي مع شخوصها وأبطالها في  كل  قصة   سكنتها الموت /  انفعالات  ومسارات سرد.

فكرة  التشيؤ    لدى  القاصة حياة   فريدة  بوسامة  مقصودة  أو  انفعالية  ” تسريدية”  بقدر  ما  وردت  حتمية  الدلالة    كمفصليات  وماح   كل بطل فيها  بعفوية الأقدار،  ومتعب و “إرتداديات ”  ونوائب  ورزايا   المجتمع،كمِغراف  لأهازيجها ومواجعها   إيمانا منها بأن   هذا  رابط  ورباط  بين  الثنئية /  الحياة /  الموت دون  التفكير  منها  لـ”  تأسيس  فكرة  الموت  ”   كـ خوسيه ساراماغو الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1998 المتشبث  بفكرة  الثانية أو المعطى  الأول  “الحياة ” كموئل..  وغاية مطلقة  .

الترابط  هذا أو  هذا  التقاطع  لم  يأت  من  القاصة  ليصلب   الإنسان أو يسلبه  فكرة:  نهاية  المعطى  الأول، وإنما  جاء  بتشكيل  عفوي  بريء،  وفي ذات  الأوان   حتمية  لا  مفر  منها أو على صعيد  تجميل –  استطيقيا  –  المبنى  الدلالي  الدرامي  في  وجهتيه الجمالية  والاستنباطية كما في رواية  “يوم رائع للموت” للروائي  الجزائري  سمير قاسمي  على سبيل  المثال وليس  الحصر.

ثنائية  الموت  والحياة كمنعطفين يسايران  صيرورة  وسيرورة هذه  الثنائية،  شكل  كثيرا من  التداعيات والتجليات  وبمفترق  طرق  جمالية أو  درامية  سواء  عند  كافكا/ سمير  قاسمي/  أو خوسيه ساراماغو كعينات أيضا

الارتباط  بالموت في مجموعة  “أهازيج الوجع” للكاتبة  الجزائرية: حياة  فريدة بوشامة أخذ أبعادا ترابطية بين تنامي شخوصها ونهاياتهم  ضمن  كل  قصة  من  منطلق، لا  أقول  تجريديا أو  “تزويقا”  للدلالة ” وإنما من  منطلق “تعيين” ووضع  الأصبع  على المتن  والتحكم  فيه   وفي  ناصيت: في  تشكيلاته  التراجيدية كمسلك ..  وكرؤى،  حيث نجحت  القاصة  في فك  العزلة والغبن  عن  الأهازيج في  تضادية  تسريدية  متماسكة ، علما أن  الأهازيج .

تعنى في  مفهومها اللغوي تراتيل  طرب وفرح، ولعل قائلا يقول  أنها، أي الكاتبة  حياة  فريدة بوشامة وقعت  في  تضاد  وتناقض رؤيوي  في  مزجها بين الأهازيج كمظاهر فرح والوجع مرادفا للموت ونظيرها/قرح،  كما أنهما  خاصيتان  متضادتان/ شكلا  ن أصلا ومبنى .

القاصة   حياة  فريدة بوشامة  بوعيها  الإداركي ،  العقدي ، مزجت  بـ”  استطيقيا وتشكيلية سردية المتناقضين وببراءة  ملائكية، وبحنكة أيضا   لتثبت  أن   الوجع تايع  من ” التابعين”  للأهازيج  ولو  عمر طويلا  لا بد من اليقين، هو ذا  مفهومها     في  ملائكيته  وإيمان  القاصة  بحتمية  الموت  وإن  كان  مواجع ،  فلا ينتج   ولا يتولد  إلا عن  لواعج،  تسبقها  أهازيج  في  جميع  طروحاتها وأطاريحها كمبان حكائية، بأسلوبها السلس البريء  أيضا  تمكنت  الكاتبة حياة فريدة  بوشامة أن  توطد بين  هذه  الثنائية    بكثير  من  التعاضدية و التتابعية ، وليس  التبعية  التراجيدية؛ تمكنت أيضا   أن  تنسج  مواويل  الفرح  مقرونة  بصنوف  النوائب  والرزايا.

على صعيد آخر، واعتبارا من قصتها  المأساوية  ” مينة  السمينة ” وما تلاها استطاعت  بأسلوب أكثر جاذبية وتسريد  متماسك،    إلى غاية   “الغولة ”  آخر قصة  في  المجموعة  أن  تجمع  “إفك  ومزاعم” الصنم  الذي يدعى أنه  سيظل  حيا.. صنم  القاصة حياة  فريدة  بوشامة مرغته  في  وحل  اللاممكن بناء  على إيمانها أن الصنم  وإن  كان صلبا، فسيلين  ويستسلم أمام  ليونة  الموت  وإن  كانت قاسية  هذه  الأخيرة:  مواجع،  لكن  تظل  دوما  في  هذه  المتون:  يقينا لا  مفر  منه.

المجموعة  قيد  الطبع  بدار  الأمير،  للنشر –  على مشارف صدور – إن شاء  الله –  نتمنى  للقاصة حياة فريدة   بوشامة  موفور  السؤدد   في  العمل الذي  لا   شك  أنه  سيضيف  تشكيلا  آخر لمفهوم  التسريد في   حيثيتية    وفًهومه  الفلسفية  والرؤيوية  لدى  العرب  والغرب في  مبانيهم  الروائية  والقصصية.

ألف  مبروك   هذا  الإصدار،

هذا مرور  خاطف  مني،  في أعقاب انتهائي  لتوي من قراءة هذا  العمل الترابطي، ولي أوبة  لاحقة  عند  صدور    العمل، كل  التوفيق أستاذة  وقاصتنا حياة  فريدة  بوشامة،  والعاقبة للمجاميع أخرى، وأدع  لقارئي الكريم بقية     النكهة في  تشريح ثنائية الموت كمفهوم أدبي  وكاستجلاب للمتعة  أوجمالية التنظير أو كمتن  تراجيدي توحيدي وتطابقي  بين المد  والجزر  في هذه  الجدلية  القائمة  لحد  الآن  بين  الأدباء  والمفكرين  والفلاسفة. وعلى عدة   أصعدة  ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى