يوميات على كورنيش الإسكندرية..خطايا عيد الميلاد!

محمود عبد المقصود | نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية

 

صرخت أمي وصكت وجه شقيقتي، وانزوت بأبي في حجرتهما بمجرد عودته من عمله وسمعناها وهي تصرخ وتقول: (شوف لك حل في البنت دي!) وخرج أبى مذعورا وأخذ يعنف في شقيقتي وقال لها بصحيح العبارة: (انت عاوزه تفضحينا يا بنت ستين في سبعين). يومها انتابنا الذعر والهلع على شقيقتنا وتساءلنا ماذا فعلت وهى النموذج للهدى والتقى والعفاف والغنى؟!

وبعد عدة أيام أرادت أمي أن تكشف لنا فعلتها حتى نعتبر منها فقالت: والدموع تغالبها .. الهانم أختكم تنتوى الذهاب لزميلاتها لتهنئها بعيد ميلادها !!

نعم هكذا كانت تنشئتي الاجتماعية في أسرة ترى الاحتفال بيوم الميلاد باطلا، والتفكير فيه مذموم، وممارسته خطيئة،.. فأسقطناه وأشقائى بدورنا من قاموس حياتنا ..ومَحْوَرْنا إسقاطنا هذا فيما بعد لفلسفة ساخرة للمحتفلين به .. وتراكمت علينا السنون، ونحن نعزز ما اعتقدنا فيه .. ويشاء المولى أن يجمعني بزوجة تشاركني عقيدتي وعقيدة أبائي الأولين لنتربص سويا بأبنائنا ليعتقدوا قهرا فيما اعتقدناه قهرا !

وأذكر أن أحد أبنائي أراد يوما أن يكيد بأخيه لخلاف بينهما فأخبرنى أن أخاه على علاقة بزميل له يحتفل بعيد ميلاده! ظنا منه أنه ستشتعل ثورتي وأنقلب عليه، وفات ابنى الشرير أن علمي ودراستي وعملي جعلونى أكثر تحضرا فكان ردى صادما له عندما قلت له في هدوء: ادعُ لأخيك ربنا يهديه.! وليغفر الله له خطيئته!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى