الشيوع الثقافي وتجلياته

د. ناديا حماد | سوريا

مما لاشك فيه أنّ النشر الإلكتروني حطم بلا هوادة سلطةالناشرين..
فاضحى بمقدور الشباب الجديد أن ينشروا رواياتهم ومؤلفاتهم ومعاناتهم على الملأ ودون وسيط..

هذا (الشيوع الثقافي) إن جازت لنا التسمية ألغى التراتبية التقليدية بين النخبة والجمهور..وغيّر مفهوم الثقافة العامة القادمة من الأعلى إلى الأسفل..

إنها اليوم “ثقافة أفقية” تتغذى من الأطراف …

وبذلك يكون المثقف التقليدي قد فقد سلطته ،،
ويبقى الخوف هو أن تفقد الثقافة التقليدية شيئا فشيئا سلطتها كذلك ،،،

وأوّل ملامح هذا الفقد و الاغتراب ما نلاحظه من مظاهر تراجع سلطة اللغة نفسها…

لقد تهاوت تقاليد وقيم كثيرة في صناعة الثقافة وفي التعامل مع مصادرها وفي مواصفات القائمين عليها إنتاجا
و تصديرا فهي أضحت بلا حيطان ويسهل اختراقها

يتجلّى ضعف ( سلطة اللغة ) الآن في تحوّل اللغة ( المحكية) إلى لغة مكتوبة
منتشرة بين الناس …وهو تراجع ثقافي يتحقق بصمت …
وقد ساهم الإنترنت وأجهزة الهواتف النقالة في انتشار اللغة المحكية ….

و ها نحن نجد أنفسنا أمام لغة “محكية” مكتوبة ومتداولة وحية،، يستعملها الناس ويتداولونها .. تُقابلها ( فصحى) يقلُّ تداولها إلا في المدارس. وحتى المدارس هي الأخرى تتراجع.. حيث صارت تبدو الكتابة بالفصحى سلطة اصطناعية منفّرة والاملاء صار ” عملا قمعيا” للتلاميذ مقابل المحكي السهل و الصوتي الأسهل .

لاشك أنّ لكل ثورة ضحاياها…
ولكل معركة شهداؤها…وهو ما يجري بالثقافة التقليدية الصارمة القادمة من فوق ..

وزاد في تكريس هذا الأمر أننا لم نتعامل كمؤسسات تعليمية مع مستجدات العصر بجدية وا هتمام ومرونة لدعم مساهمة لغتنا الفصحى فيها ….

. إنّ الثقافة اليوم هي صناعة الجميع

فلا مفرّ من أن يكون لهذا الواقع تجلياته الخاصة به والتي إحداها تراجع تقاليد الثقافة التقليدية الصارمة وسلطتها بما فيها سلطة اللغة الفصحى والتي تُعتبر محمية بقوّة (بالقرآن المحفوظ ) الذي هو الكتاب المقدس ل اللغة العربية الفصحى …

………………… د. ناديا حمّاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى