تجاعيد الماء (16)

سوسن صالحة أحمد | شاعرة وكاتبة سورية تقيم في كندا

(الزمن الضائع)

كما تعانق الريح ورقة خريف، عانق وجودي
أعرفه جيدًا ذاك الطيف الذي لطالما رسمت له صورًا مُنذ زمن بعيد، رسمته لوحة ما برحت مخيلتي، كتبته أشعارًا نامت في دفاتري، يعانق الأمل نبضًا لم يأتِ بعدُ على القلب، دمًا ما مشى في عروقي، غيمةً لملمتُ نداها حلمًا حلمًا، تمطرني بالكم الذي تألف روحي من الصدق، تُنبِتُ شجر الحب في تُرابي، تتدلّى ثمارها قناديلًا، وكل فصولها قطاف.
أتى بصورة مُصغرة من مرور السنين، كصورة محفوظة من زمن طويل في خزانة مُقفلة لا ترى النور، بالكاد أستبينُ بعض ملامحها، ما عرفتها لطول الانتظار، أو ربما التبست علي لولا أنها أشبهت غيمتي.
لما رأوا ظلها في عيوني أنكروها علي، لم يعترف أحد بأحلام أيام مضت، وكأنّ الأحلام لها عُمر وأوان، الزمن القديم في شرعهم بات يستوجب التلف.
أتلفتها ورميت رُفاتها في مقبرة أقمتها بزاوية قلبي، تلك التي ما شهدت ذاك النبض، ورويتُ ترابَ لحدها بذاك الدم الذي ما جرى في عروقي بعد، وزفرتُ آخر زفرة من الحلم.
انتحرت غيمتي لمّا أدخلتها شدة برودة زمني، ذابت تحت شمس واقعي، تلاشت.
حينها، أيقنت أن تلك الريح ما كانت إلا حلم زمنٍ لن يأتِ، لأبقى أنا. . أسيرة الزمن الضائع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى