المرأة وما أدراك ما المرأة

نرجس عمران | سوريا

 أعتقد أن المصطلح المتداول القائل (لو اجتمع مليون رجل كي يفهموا كيف تفكر امرأة واحدة؟ فلن يستطيعوا فهمها) هو حقيقي لأن المرأة بتكويناتها المغايرة بكل مفاصلها وجزيئاتها عصية عن الفهم ليس رغبة منها في ذلك وإنما إعجاز من تدابير الخالق عز وجل صحيح أن الرجل قوي قادر بقوته العضلية وتركيبة بنيانه أن يتغلب على قدرة المرأة العضلية ولكن العبرة في الصبر والأمل والحكمة هناك مثل معروف وصحيح متداول مفاده (أن قطرة الماء تحفر في الصخر ليس بقوتها وإنما باستمراريتها) وهذا المثل حقا ينطبق على المرأة إلى حد كبير فلديها من الصبر ما لقطرة الماء هذه منه لو استمرت وثمار الصبر التي تجنيها المرأة عظيمة بعظمة النجاح الذي تحققه قطرة الماء لحظة تركها أثرا في حجر قاس أجل هي المرأة بتركيبتها العقلانية والباطنية والروحية تكمل تركيبتها الجسدية لتكون قوة لا يستهان بها تحقق الفوز والانتصار والنجاح في شتى مجالات الحياة مهما تنوعت أو قست أو تعددت يصعب على الرجل أن يكون لها ندا فيها نعم كلامي منطقي

القوة العضلية للرجل لا تمنحه قدرة الصبر التي تتمتع بها المرأة لتجاوز المحن وتخطي الصعاب وخوض التجارب وتحقيق أفضل النتائج ومثالي على هذا بسيط جدا قالوا المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها طبعا ليس المقصود هنا هو فعل هز السرير فهو أمر سهل بوسع أيا كان حتى الصغار هز سرير.

فكيف بالرجال؟! بل المقصود هو الصبر على تربية الأولاد ومشقة السهر والبكاء والمرض وهي نعمة حباها الله إياها دون الرجال فالأولاد هم أولاد الطرفين الرجل والانثى فهل يا ترى يملك الرجل صبر المرأة وأناتها في حالات التربية المختلفة وبمراحلها المنوعة طبعا لا وأن تقول هو عملها فهو يعمل خارجا فاعذرني أن أقول إن هذا الاعتراض غير منطقي فالمرأة أصبحت عاملة كالرجل تماما وتفرق عنه أنها تعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة نعم وتستمر وتنجح ومن أكثر من الله ورسوله عدلا في حكمها شأن أديان مختلفة كرمها وأوصت بالرفق بها

بأقوال مقدسة من قبيل: (الجنة تحت أقدام الأمهات / رفقا بالقوارير/ من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر/  والحديث الشريف ( سأل أعرابي رسول الله قائلا يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) إنها المرأة التي خلقت لتهب الحياة ، وفي لحظة تقسم روحها إلى قسمين .

هي منحة للوجود أكرم بها الله – عز وجل –  الإنسانية وتسميتها نص المجتمع فيها شيء من الغبن والمساواة معا الغبن لأن كلاهما الرجل والمرأة   يمنح بعضا منه لتشكيل الروح بمعنى النطفة من الرجل والبويضة من المرأة فالعطاء هنا متساو، لكن هذا العطاء  ليس لهذا الحد فقط فلولا جسد المرأة ورحمها وبقائها تسعة أشهر بمثابة  فندق من عشر نجوم وليس خمسة فقط كمسكن ومطعم ومنامة للروح الجديدة التي في أحشائها هو عطاء لا يماثله عطاء من الرجل لذلك فيه غبن وفيه مساواة على اعتبار أن الحياة  تجري بوتيرتها المعتادة المرأة ربة منزل للمنزل وأعباء الأسرة فقط والرجل لتأمين متطلباتها ومتطلبات الأسرة لكن الحياة تغيرت وتبدلت وأصبحت المرأة حتى خارج المنزل تتفوق أحيانا على الرجل كل رجل وأي رجل يرد أن يبخس المرأة حقها فهو جاهل وناكر وكافر لأنه يخالف الأديان بوسعه أن يثبت أي تفوق له عليها بالعمل أو بالصبر أو بالتربية أو بالعلم ولكن كيف سينجب رحما يساوي به طاقة المرأة ؟ وجود يوم عالمي للمرأة هو نوع من إكرامها فشكرا للتاريخ الذي شمل نساء العالم جميعا بمختلف عروقهن ودياناتهن وأعمارهن وانتمائهن  بمناسبة واحدة  ليقال لهن (كل عام وأنتن بخير)  وهذا استحقته المرأة لعطاءاتها المختلفة وتضحياتها في سبيل الإنسانية حتى أن يوم  ٨ أذار  يوم تكريمها وعيدها نالته بالتضحية  فهو ذكرى لمجزرة حدثت في ٨-٣-١٩٠٨ في أمريكا عندما قام أصحاب أحد المصانع  بإغلاق أبوابه على النساء العاملات وحرقه بالكامل وذلك بسبب إضرابهن عن العمل لتحسين أجورهن مما أدى إلى وفاتهن جميعا وكن ١٢٩ عاملة من الجنسية الأمريكية والإيطالية  لذلك أصبح هذا اليوم رمزا وذكرى  لظلم المرأة  ومعاناتها عبر العصور ومع هذا استمرت المرأة في عطائها وتضحياتها  عبر الازمان والأجيال المتعاقبة تعلمت وتخرجت وأصبحت الطبيبة والعاملة والمعلمة والسائقة والمديرة والمخترعة والوزيرة والنائبة

ورغم أنه يقال: إن اللغة ظلمت المرأة في خمس: فالرجل الذي مازال على قيد الحياة يقال حي وعن المرأة يقال حية عن الرجل إذا دخل البرلمان يقال نائب وعن المرأة يقال نائبة وهي أخت المصيبة وعن الرجل إذا أحب شيئا يقال هاو وعن المرأة يقال هاوية وهي النار العميقة) وعن الرجل في منصب قضائي يقال قاض وعن المرأة يقال قاضية (هي المصيبة التي تقضي على من تحل عليه) وعن الرجل المصيب في حديثه يقال مصيب وعن المرأة يقال مصيبة (وهي الكارثة التي لا تحتمل عواقبها).

ولكن ورغم ذلك أنصفتها اللغة بحرف التاء تاء المؤنثة الساكنة الذي منحها معنى الاستمرارية والخلود والوجود والشمولية بمجرد وجوده في بعض الكلمات فالحرف بمحدوديته ذكر واللغة بشموليتها أنثى والحب بضيق مساحته ذكر والمحبة بشموليتها أنثى، والسجن بضيق مساحته ذكر والحرية بشموليتها أنثى البرد بلسعته ذكر، والحرارة بكل معانيها أنثى والجهل بكل انكساراته ذكر والمعرفة بعمقها أنثى، والفقر بمعاناته ذكر والرفاهية بدلالاتها أنثى، والجحيم بناره ذكر والجنة بنعيمها أنثى، والظلم بقسوته ذكر والعدالة بميزانها أنثى ، والتخلف برجعيته ذكر والحضارة بشموليتها أنثى والفقر بذله ذكر، والصحة بألوانها أنثى الموت بحقيقته ذكر والحياة بصنوفها أنثى.

 نعم هذه هي الأنثى مدلول جمال وعطاء ورغد ونعيم تقبل على الحياة بمشاقها راغبة راضية وعلى العمل بإرادة ورغبة في النجاح وتصميم عليه وعقلها الراجح أهَّلها لتكون في مناصب سياسية وقضائية حتى

والدليل أن المعدلات تواجد المرأة في العقدين الماضيين قد ازدادت فنسبة مشاركة المرأة في البرلمانات الوطنية على مستوى العالم

كانت عام 1998 كانت نسبة النساء العاملات .11.8 %

وفي عامل 2008 أصبحت النسبة 17.8 %

وفي عام 2018 أصبحت النسبة  23.5 %

 وما هذا الإ دليل على انفتاح المجتمعات واعترافها بجدارة المرأة وأهليتها ؛ رغم أن بعض المجتمعات مازالت تبخسها حريتها وتمنع عنها بعض من أبسط  حقوقها ومرد ذلك إلى الجهل أو العادات البالية والتقاليد العفنة الظالمة وما يجدر الإشارة إليه هو أن المرأة ما كانت  لتحظى بماهي عليه لولا رجل مثقف وخلوق ومساعد وداعم لها في كل حال من الأحوال

فكم عام كل أنثى وكل أم بألف خير

على أمل أن تصل بأقرب وقت إلى نيل حقوقها كاملة في كل المجتمعات العربية العالمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى