خيارات النظر للحياة

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري

كلما سُئل عن حاله كان يردد دون تفكير “بأحس حال”، كما أنه قد اعتاد أن يغمر كل من حوله بجو من التشجيع والحماسة، وإذا مرَّ صديق له بيوم مُحبط؛ لا يتردد لحظة في أن يساعده. سأله صديقه يوماً كيف استطعت أن تكون إيجابياً في كل وقت؟ فقال له: في كل صباح وعندما أستيقظ من نومي أكون أمام خيارين؛ إما أن أكون في مزاج جيد أو أن أكون في مزاج مبتئس، وأنا أختار دوماً أن أكون في مزاج جيد، وفي كل أزمة أمر بها أجدني أمام خيارين؛ إما أن أكون الضحية، أو أن أتعلم من الأمر، وأنا أختار أن أتعلم من الأمر.
إذا لخصت المواقف التي تمر بها فسوف تجد أنها في النهاية مجموعة من الخيارات، فأنت تختار كيف يكون رد فعلك في موقف معين، وكذلك تختار نمط تأثيرك في الآخرين، وتختار أيضاً أن تكون بمزاج جيد أو منكود، وفي النهاية أنت تختار كيف تحيا حياتك.
ومن خياراتك، أن تستمتع بحياتك أو أن تكرهها، والشيء الوحيد الذي تملكه حقاً ولا يستطيع أي شخص أن يجبرك عليه أو يتحكم به هو نظرتك للحياة، فإذا حرصت على أن تكون نظرتك لها نظرة إيجابية؛ فستستحيل حياتك بِشْراً وسعادة.
لاشك أن الرضا الهادئ بالقدر من أبواب الحكمة البالغة، وهو خيار صائب يكفكف شعور اليأس ويضبط عواطف البشر، وينفي الاحتقان الذي يُنسي الفضائل، ويحجم الإنسان المهذب مِنْ أن يكون ناقماً ساخطاً.
ومن الخيارات الصائبة أن نعمل للدنيا وأن ننال من ضروراتها ومن مرفهاتها ما يحفظ حياتنا ويسعدنا، وقد يكلفنا هذا العمل جهداً شاقاً يتصبب معه العرق ويطول فيه العناء، وهذا الحق المقرر والجهد المبذول لبلوغه لا يجوز أن يميل بنا عن الجادة أو أن يزيغ بنا عن الطريق؛ وإلا فقد جانبنا الصواب في خياراتنا.
ومن الخيارات التعامل مع المال؛ والذي نطلبه لننفقه أو نختزنه لمن يحبه، إما أن نبذله فيما يحقق مصالحنا ويصون حياتنا، أو يتحول لهدف مقصود لذاته، تذوب في جمعه المُهج، وترتخص العافية، وتتكاثر الهموم، وتجتذب الأمراض.
ومن الخيارات تعاملنا مع الكوارث التي نمر بها؛ فإما أن يتملكنا الحزن إثر كارثة فتتساقط الأسنان كمداً، وتتحول العصارات الهاضمة في المعدة سموماً، ونستسلم لموجة الكآبة تمهيداً للانهيار، أو أن نرضى بما كتب الله لنا؛ بل ونستقبله ببِشر وأمل متجنبين القنوط والتشاؤم، متلبسين الطمأنينة والرضا، ومتشبثين بالعناية العليا كي ترحمنا.
فاحرص على خيارات.. تطيب بها روحاً وبدناً، وتكتمل بها دنيا وديناً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى