ما حدث في الأردن محاولة لتغيير موقفه من القضية الفلسطينية

د. أحمد رفيق عوض | رام الله – فلسطين

قد يكون ما جرى في الأردن الشقيق ليس محاولة انقلاب، فالانقلاب في هذه البلد الحبيب صعب جداً، ليقظة الشعب الأردني ورشده ونضجه، ولاحترافية المؤسسة الأمنية، ولأن النظام الأردني لم يكن في يوم من الأيام دموياً أو متغولا أو محتكرا للسلطة. الأردن، أدرك منذ بداية التسعينيات أن العالم يتغير، وأن الحكمة تقتضي المرونة والاستيعاب والحوار والمشاركة المرشدة.

ما حدث في الأردن كان محاولة لإيذاء الاستقرار الأردني والمس به، أو محاولة لتفجيره لتمرير الرؤية الوقحة المطروحة منذ زمن، أو لاستنساخ النموذج السيء لما سمي بالربيع العربي الذي ركبته قطعان الإرهاب والاستعمار، وبدلاً من أن يكون هذا الربيع رافعة للتغيير المجتمعي والسياسي السلمي والمدني، تحول إلى مذابح وبوابة دخل منها المستعمر القديم والطامع القريب على حدٍ سواء.

المحاولة الساذجة لتفجير الأردن – لا سمح الله – كانت تهدف إلى تقسيم الأردن إلى جهويات ومنابت وأصول وهويات مفككة، لتتحول الأردن – لا سمح الله – إلى دولة فاشلة مثلها مثل غيرها، فالأردن الذي ثبت أمام ضغوطات وتهديدات دولية وإقليمية ليستخدم في تمرير الصفقات المشبوهة أو ليتراجع عن مواقفه العروبية الثابتة أو ليتخلى عن القضية الفلسطينية، أثبت – قيادةً وشعباً – أنه قادر على التصدي وعلى التحدي أيضاً.

الأردن يعرف حجمه ويعرف دوره تماماً، ويقرأ اللحظة التاريخية، ولهذا فإن مرونته السياسية أنقذته من أن يستباح، وأبعدته عن مصائر الدول التي تجاوره، وأنقذته من الضياع أو التفجير أو مآلات بعض الدول في الإقليم.

استطاع الأردن – ملكاً وحكومة ومؤسسة أمنية وشعباً – أن يحبط محاولة الإضرار الفاشلة بأمنه واستقراره ورشده، ووضع حداً للتدخلات أو المؤامرات أو الضغوطات.

يخرج الأردن الآن أقوى بكثير، حيث أثبت أن مؤسسة العرش قادرة على التصرف السليم في الوقت المناسب، وأن مؤسسة العرش هي الضامنة والحامية والعنوان، وإنها تقطع الطريق على من يريد أن يبذر الفتنة والشقاق، وقطع دابر من يريد أن يتحول إلى أدوات لتنفيذ مخططات تدمر مستقبل الأردن ورسالته.

هل كان ثمة من أراد أن يمس الأمن الأردني حتى لا يتم تدمير صورته الحضارية المشرقة أو هل ثمة من أراد أن يدمر الثقة التي يتمتع بها الأردن امام العالم؟! أو هل ثمة من أراد أن يرسل رسالة إلى الأردن أنها هشة وضعيفة ولا يعتمد عليها؟!

كانت الإجابات على كل هذه الأسئلة أن الأردن قادر وواعٍ وراشد. وعندما نقول الأردن نقصد الشعب الأردني أولاً.

ما حصل في الأردن أفشل الخيار الأردني، وأفشل المخطط الجهنمي الذي أعده القريب أو البعيد أو كلاهما، وأفشل أطروحات معدة سلفاً لتمريرها أو تنفيذها في الأردن وفي فلسطين معاً، ووضع حداً لمظاهر الاستقواء وخلق المراكز والأقطاب وللاحتقانات المصطنعة، أيضاً.

ونحن هنا، من فلسطين نقول: إننا مع أمن الأردن واستقراره. وإن دولة الشعب الأردني هي شرق النهر، وإن دولة الشعب الفلسطيني هي غرب النهر، ولن يغير أحد هذه الحقيقة، إلا بإرادة الشعبين الشقيقين وفي اللحظة المناسبة لهما.

سرعة واحترافية المؤسسة الأمنية ويقظة المستوى السياسي ونضج الشعب الأردني أحبطت كل أجزاء المؤامرة وتفاصيلها. الأردن الآن اأقوى ألف مرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى