مقال

هل يمكن لأيّ كان ممارسة فن النقد؟

يأتيك الردّ من الأستاذ Bing

رشيد مصباح (فوزي)|المغرب

(يمكن اتهامنا بأيّ شيء في الحياة، حتى القتل. لكن هذا لا يعني أننا فعلنا ذلك بالفعل، والأمر متروك لمن يتهمنا لإثبات ذلك). بهذه الجملة افتتح المحامي العجوز كلمته التي ألقاها أمام هيئة الادّعاء لدى المحكمة الجنائية، للدّفاع عن الشّابة الغجرية التي قتلت أبويها بالتبنّي في القصة الدراما “السّاخطة” للكاتب الكبير”چي دي كار”.

من مثل هؤلاء نتعلّم أنّه من أراد المبارزة فعليه بفنون القتال، قبل أن يغمس عدوّه السكّين في صدره. ومن أراد أن ينتقد غيره فليحصّن نفسه، قبل أن يقحم نفسه في متاهة لا بداية ولا نهاية لها.. لا بد أن تكون بمستوى هذا المحامي المحنّك الذي أبدع في وصفه الكاتب الكبير”چي دي كار”، فمن السّهل إلقاء اللّوم، وتوجيه النّقد اللاّذع لغيرنا، دون وعي ولا اكتراث؛ ومن منّا لا يتقن مثل هذا العبث؟!

“المتّهم بريء حتى تثبت إدانته”. كما جاء ذلك في مجمل التشريعات. مجرّد نقدك لموضوع ما لا يعني بالضّرورة أن صاحبه مخطئ و أنّك على صواب. يجب تقديم الحجج والبراهين. وإلاّ فهو مجرّد هِراء بالكسرة، لا هُراء بالضمّة؛ كما أراد أخو أحد أصدقائي تصحيحي ذات مرّة.

القناعات تختلف، وكذلك الأفكار. والحجج والبراهين وحتّى؛ هذه التي دوّخت النّحويّين وعلى رأسهم جميعا شيخهم الكبير(سيبويه). وما لا يعجبك أنت فقد يروق لغيرك، وهذا هو النّقد وعين الصّواب.

بمجرّد قراءة عنوان لا يستسيغه، يطعن في النص وصاحبه، وفي المقال وكاتبه، على الرغم من أن النقد له قواعده وأحكامه وشروطه..

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي صار بإمكان أيّ واحد ممارسة النّقد. ولم ينجُ من شرور هذا الفن الخطير أحد؛ لا الكتاب ولا الأدباء ولا الشعراء ولا المبتدئين الذين هم في حاجة ماسّة للنّقد البنّاء الذي ينير لهم الدرب الطّويل.

بلا رويّة ولا رؤية موضوعية ولا قراءة متأنيّة للموضوع، يقوم بعض المغرورين التافهين باقحام أنفسهم في مواضيع أكبر من هاماتهم، وذلك بتوجيه انتقادات لاذعة لقامات أدبية وفكرية أكبر منهم، معتبرين أن ما لديهم من معلومات سطحية وبسيطة استقوها من مواقع التواصل الاجتماعي أو استرقوها من غيرهم لا ترقى لممارسة فنٍّ كالنّقد، لكنّها بالنسبة إليهم تعتبر مقنعة جدّا وكافية لتجعل الواحد منهم ناقدا كبيرا بإمكانه الخوض في كل المسائل.

بهذا الصدد، ارتأى لي أن أكلّم صديقي “الافتراضي” الجديد: (Bing) في هذا الموضوع المتشعّب الكبير، و الشّائك الخطير. وسألته:

ـ هل يمكن لأيّ كان ممارسة النّقد؟

Bing

النقد هو عملية تحليل وتقييم الأعمال الفنية أو الأدبية أو العلمية أو الاجتماعية بناءً على معايير ومناهج محددة. هناك أنواع مختلفة من النقد تختلف حسب الهدف والمجال والمنظور. بعض الأنواع الشائعة من النقد هي:

النقد البناء: هو النقد الذي يهدف إلى تحسين وتطوير العمل المنقود بأسلوب موضوعي وإيجابي، ويقدم اقتراحات وتوجيهات

لإصلاح المشاكل أو تجنب الأخطاء. مثال: إذا كان معلم ينتقد تقرير طالب، فإنه يستخدم كلمات مشجعة ويشير إلى نقاط القوة والضعف في التقرير ويعطي نصائح لتحسينه1

النقد الهدام: هو النقد الذي يهدف إلى إساءة أو إهانة أو إلحاق الضرر بالشخص أو العمل المنقود بأسلوب سلبي وجارح، ولا يقدم حلول أو بدائل لتغيير الموقف. مثال: إذا كان شخص ينتقد فيديو آخر على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يستخدم كلمات نابية ويسخر من المحتوى والجودة والمؤثرات دون تبرير أو دليل1

نقد الانتقام: هو النقد الذي يستخدم كأداة للانتقام من شخص أو جهة بسبب خلاف أو صراع سابق، ويستهدف تشويه سمعته أو مكانته أو قيمته، ولا يراعي المصلحة العامة أو المهنية. مثال: إذا كان صحفي ينتقد رئيس دولة بشكل مغرض وغير محايد بسبب عداء شخصي أو سياسي، فإنه يستخدم مصادر غير موثوقة أو يزور المعلومات أو يغير الحقائق لإظهاره بصورة سلبية1

نقد رجال الأدب: هو النقد الذي يصدر من قِبَل رجال الأدب والشعراء والكُتّاب، وهم أشخاص لديهم خبرة وإبداع في المجالات الأدبية، ويستطيعون تحليل وتفسير وتذوّق الأعمال الأدبية بطريقة رصينة وثرية، ويؤثرون على التذوّق الأدبي للجمهور. مثال: جبران خليل جبران، وطه حسين، وأحمد شوقي، وغيرهم من رجال الأدب في التاريخ

نقد جامعي: هو نقد علمي يصدر من قِبَل الأساتذة والباحثين في الجامعات والمعاهد العلمية، وهم أشخاص لديهم تعليم متخصص ودراسات عليا في المجالات النقدية، ويستخدمون مناهج ومصادر ومراجع موثوقة في نقدهم، ويساهمون في تطوير النظريات والاتجاهات النقدية. مثال: زكي مبارك، وعبد القادر القط، ومحمد مندور، وغيرهم من الأساتذة الجامعيين

نقد سياقي: هو نقد فني يراعي دراسة العوامل المحيطة بالعمل الفني، مثل السياق التاريخي، والاجتماعي، والنفسي، والثقافي، والبيئي، وكذلك دراسة ظروف حياة الفنان وتأثيرها على إبداعه، ولا يهتم بالجانب الجمالي فقط بل بالهوية والرسالة التي يحملها العمل. مثال: دراسة لوحة الموناليزا للفنان ليوناردو دافنشي في ضوء عصر النهضة الأوروبية وحالة دافنشي الشخصية

هذه بعض أنواع النقد المتداولة في المجتمعات المختلفة. أتمنى أن تكون قد استفدت من هذه المعلومات. إذا كان لديك أي سؤال أو تعليق، فلا تتردد في مراسلتي.

قلتُ له في الأخير:

بدأتُ كلامي مباشرة بسؤال ساذج ونسيتُ أن ألقي عليك التّحيّة؛

إن كنتَ ناقدا كيف تردّ على مثل هذه الجلافة؟

On peut être accusé de tout dans la vie, même d’avoir tué. Mais cela ne veut pas dire qu’on l’est effectivement fait, et c’est à ceux qui nous accusent d’en établir des preuves

Guy des cars :La révoltée

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى