حكايا من القرايا.. ” قصة مثل “

عمر عبد الرحمن نمر | جنين – فلسطين

من الأمثال الشعبية ما يتم استخدامه محلياً، أي يستخدم في منطقة معينة،ولا تسمعه في أخرى…  فقد تسمعه هنا، ولا تسمعه هناك… وفي رأيي أن هذه البيئة المعينة (بناسها، وأرضها، وأحداثها) هي التي امتلكت آليات إخراج هذا المثل، وتوليفه في رحمها، ومن هنا فإن إمكانية فهمه وتوظيفه في هذه المنطقة، تكون أسهل وأكثر دوراناً…

من هذه الأمثال المحلية: رَيِّظِنْ يا بيظ تا ييجي حمد…

ريظن: أي انتظرن بصبر، يا بيظ: أيتها البيضاوات (النساء البيضاوات)، تا ييجي حمد: حتى يجيء حمد…

الحكاية: كان حمد مزارعاً نشيطاً يمتلك عشرات الدونمات، يزرعها مختلف المزروعات: قمح وشعير وقطاني… وغيرها. ينمو الزرع، وتنمو بينه الأعشاب الغريبة، فيأتي حمد بنساء نشيطات للتعشيب (في موسم التعشيب) وهذا الموسم اندثر حالياً، لرشّ الزرع بالمبيدات… كانت كل امرأة تحمل عشّابة، قطعة خشبية بطول شبر، في طرفها حديدة، تغزّها المرأة تحت العشبة وتقلعها…

وكانت النساء تنتظم في خط مستقيم، ويأخذن مساراً واحداً، كما الحصّادون… يا الله كنّ يعملن في سهل حمد من مطلع الشمس حتى أذان العصر، وفي كل ضحى يأتي حمد على حصانه، ومعه صديقه على حصان آخر… (يشقّان) يتفقدان العاملات… يطرح السلام، ويكسر الزيارة بمزحة لطيفة ثم يغادران… وفي ذات يوم وقبل نهاية موسم التعشيب بيوم أو يومين، أتى صاحب حمد وحده، سلّم على العاملات، وأعلمهن أن حمد اضطر للسفر لمدة عشرة أيام، وأنه سوف يقبضهن أجورهن حال عودته… لم يرق لهن الخبر، لكنهن بلعنه، فلا حيلة في اليد، وما أحلى العامل يقبض أجرته حال انتهاء العمل، حتى يحسّ بقيمة جهده، وعرقه، لكن حمد سافر، لا حول ولا قوة إلا بالله، فما عليهن إلا الانتظار… غاب حمد… أسبوعاً… أسبوعين… ثلاثة… وطال الانتظار… وفي هذه المدة، كان صاحب حمد عندما يلتقي بإحدى الحزينات العاملات، وتسأله عن موعد عودة حمد، وتسأله عن أجرتها، كان يبتسم ابتسامة خبيثة، ويقول ” ريظن يا بيظ تا ييجي حمد” أي الصبر الصبر الجميل… حتى يعود الغالي……

وأُخِذَ المثل، ووظّفه الناس في حال انتظار أحدهم لنيل شيء ما، وقد طال الانتظار… وما زال ينتظر…

 (هل يستخدم هذا المثل في منطقتكم؟ هل تُحَرَف بعض كلماته؟ هل هناك مثل مطابق له؟)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى