هكذا أرى القادم

محمد موسى العويسات| أديب وكاتب فلسطيني – القدس

أضحى انهيار النّظام الرأسماليّ الذي تقوده أميركا قاب قوسين أو أدنى، وعمّا قريب إن لم يكن هذا العام فالعام القادم يصبح العالم في فراغ سياسيّ حضاريّ، فالصّين التي يرى فيها كثيرون بديلا، لا تكون بديلا حضاريّا أو سياسيّا، لأنّها لا تملك مشروعا حضاريّا تحمله للعالم وتحكمهم به، بل عندما كانت تتبنّى المبدأ الشّيوعيّ اتخذته وسيلة لخدمة مصالحها، فكان يخدمها ولا تخدمه، على العكس تماما من الاتحاد السوفيتيّ الذي كان حاملا المشروع الحضاريّ الشيوعيّ الأمميّ ويدعو له وينافس الرأسماليّة به، ولكنّه انهار وتركت الساحة للنظام الرأسماليّ، والصّين أيضا ليست دولة استعماريّة ابتداء فلا تطمح في هذا وليس هو من تاريخها… (الحديث عن موروث الدّول شيء مهمّ)… فلم يبقَ في هذه الدنيا إلا نظام وحيد أو بعبارة أدقّ مشروع واحد ووحيد هو مشروع الإسلام، لذا كان لزاما على المسلمين في هذه اللحظة الآتي:

أولا- الثقّة التامّة بأنّهم هم البديل، وهم مسؤولون في هذا أمام الله ثمّ أمام التاريخ وأمام الشعوب المستضعفة في الأرض.

ثانيا: العلم القطعيّ بأنّ الإسلام ليس صلاة وصياما وتسبيحا وغيرها من المظاهر التعبديّة القاصرة في نفعها على صاحبها في الأغلب (باسثناء الزّكاة) وحسب، بل هو فوق كلّ هذا نظام حياة في كلّ شأن من شؤون الحياة دقّ أو جلّ، وبخاصّة في السّياسة التي هي في مفهومها الصّحيح رعاية شؤون النّاس في داخل الدولة وخارجها، وليست فنّ الممكن ولا هي كما يقول بعض الجهلة (تياسة).

ثالثا: لا بدّ من خلع عقليّة التبعيّة، والانعتاق من النّظرة الدّونيّة للذّات والحضارة، والتي أملاها الضّعف السّياسيّ والفكريّ والانبهار بالثورة العلميّة التي صحبت النّظام الرأسماليّ وحرمنا منها بقصد. فلا بدّ من استعادة الثّقة بأنفسنا وديننا وحضارتنا، أمّا العلوم التجريبيّة والتكنولوجيا فحسبنا منها أن نستردّ علماءنا فيها الذين يملؤون رحاب الغرب في كلّ شأن، بل نعتمد سياسة استقطاب العلماء من الدنيا كلّها والتي أهم أركانها فتح أبواب البحث العلميّ وإغراقه بالأموال، وتوفير الأمن والحياة الكريمة لأساطينه.

رابعا: إنّ مشروع الإسلام، يعني الأنظمة التي تطبّق فورا في حياة النّاس من مثل نظام الحكم ونظام الاقتصاد والسّياسة التّعليميّة، ونظام القضاء والعقوبات، ودستور الدّولة وغيرها هي أمور مجهّزة، لا ينقصها إلا من يطبّقها، بمعنى أنّك لا تحتاج في تصريف شؤون الحياة لترجع إلى بطون الكتب وتأخذ بالبحث وتغوص في الخلافات الفقهيّة التي لا حدّ لها، فهناك أحكام متبنّاة وفق وقائع قائمة الآن وليست مفترضة ولا متخيّلة.

خامسا: التيقّن بأنّنا أمّة واحدة من جاكرتا إلى الرّباط، بدين واحد ورسالة واحدة،وكلّ الحدود والرايات والحكومات الموجودة مصطنعة وحادثة، ووجودها خلاف الشّرع الحنيف. والولاء لها من الكبائر .

سادسا: إنّ كلّ أصحاب الأديان والملل الموجودين في بلاد المسلمين هم من أهلها، يعيشون فيها بكرامة وأمن وسلام، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين بعقود ذمّة لا يظلمون فيها فتيلا.

سابعا: إنّ العلاقة مع الأمم الأخرى هي علاقة دعوة لدين الله والعيش في ظلّ نظام ربّانيّ عظيم. فلهذه الأمم والشّعوب حرمة في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولهم علينا الحقّ في أن نخرجهم من الظلمات إلى النّور، ونقدّم لهم الغوث في محنهم ومصائبهم. وليس من ديننا ولا من هدي نبينا أن نستبيح دماء غير المسلمين أو أموالهم أو أعراضهم بحجّة كفر وشرك. فحرّيّة المعتقد والعبادة هي الأساس في ديننا.

ثامنا: الهدف من تطبيق الإسلام في هذه الدنيا: * هو عبادة الله بتطبيق النّظام الّذي ارتضاه لحياة العباد. * عمارة هذه الأرض العمارة الصحيحة التي تعيش فيها البشريّة بسلام وأمن وحرّيّة وسعادة وحياة كريمة. لا استغلال فيها ولا استعباد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى