سوالف حريم.. عجوز من بلدي

حلوة زحايكة | القدس- فلسطين

عيشي في مجتمع رعوي عرف الاستقرار حديثا لا يمنعني من حبّ الزراعة، وممارستها…فبيتي محاط بأنواع مختلفة من الأشجار المثمرة ونباتات الّزينة، ولا يوجد شبر أرض في محيط بيتي غير مستغل، وفي هذا الصّباح طرقت باب بيتي عجوز من بلدتنا…لا أعرفها جيّدا ولا تربطني بها أيّة علاقة…رحّبت بها كما العادة، وهي تحضنني وتقبّلني…ففرحت بها…وقبل أن أقدّم لها قهوة الصًباح قالت لي:

” والله يا بنتي جيت أطلب السّماح منّك لأنّه أنا بيني وبين الحرام الله.”

ذهلت من كلام المرأة ولم أفهم ما تقوله! فقلت لها:

أهلا بك يا خالة…فأنا لا أعرف عمّ تتكلّمين…ولا يوجد بيني وبينك أيّ حلال أو حرام…فربّما تعنين امرأة غيري؟

وبينما هي تسحب بابهامها خرزات مسبحتها التي ترتكز على سبّابتها، وتسبّح بحمد الله، ردّت عليّ قائلة: بل أنت المقصودة…صحيح أنّني لم أرتكب معصية، ولم أعتدي على أحد…لكن لا بدّ من اتقاء الشّبهات.

وأنا يا بنتي ظهري يوجعني.

قاطعت حديثها قائلة: سلامتك يا خالة…روحي للطّبيب.

ردّت: الله يسلمك يا بنيتي…والشغلة بسيطة لا يلزمها طبيب…دواؤها عندك، والأطباء لا يعرفونة.

فتساءلت مستغربة وأنا أشكّ بالقوى العقلية لزائرة الصّباح: عندي أنا؟ حيّاك الله يا خالة..اذا كان عندي فسأعطيك إيّاه.

ردّت بهدوء: بارك الله بك…لقد أخذته دون استئذان…بعد عصر الأمس…وجئتك اليوم طالبة السّماح.

عجبت من أمرها وقلت:عمّ تتكلمين يا خالة؟

ردّت: عن لوح الصّبر…قطعته بسكّين…أخذته وقطّعته قطعا صغيرة…وغليته بالماء وعملت منه خلطة وضعتها لصقة على ظهري…والحمد لله خفّ الوجع، وجئت أستسمحك.

ركضت إلى لوح الصّبر الذي زرعته على حدود أرضي قبل أربعة شهور…واعتنيت به…حتى نمت جذوره في التّربة، ووجدته مقصوصا بسكين…لم يبق منه إلا بضعة سنتيمترات…عدت إليها غاضبة وأنا أستذكر مزروعاتي التي تنهش ماعز ابنها أطرافها وقلت لها: لو طلبت ذلك مني يا خالة لأحضرت لك عشرة ألواح صبر إذا كان في ذلك علاج لظهرك…لكن أن تقومي بتحطيم هذا اللوح بعد أن نما وامتدت جذوره وبعد رعايتي له لأشهر فهذا لا يليق بعجوز مثلك.

غضبت العجوز من كلامي وقالت: كم تريدين ثمنه…فأنا لا آكل حراما!

قلت: سلامتك يا خالتي وحماك الله من الحرام..وقلت في نفسي:”غُلب بستيره ولا غُلب بفضيحة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى