أبرام إبراهام إبراهيم أبرم

مصطفى سليمان / سوريا.

إن معاني الأسماء وبالذات أسماء الأنبياء، وبخاصة لبني إسرائيل لها دلالة كبيرة.
ففي سوريا تم اكتشاف مملكة قديمة أثرية هامة للغاية وهي مملكة إيبلا،( عبلا، عبلاء) في تل مرديخ. وتبعد عن حلب 55 كم. وازدهرت في منتصف الأف الثالث قبل الميلاد. وليس هنا مجال الحديث التاريخي عنها. لكن أريد أن أشير إلى أنه عثر على مكتبة ضخمة من ألواح طينية بالخط المسماري بقيت كما هي بفعل حريق نشب في المكتبة الملكية والمدينة فحفظها من التلف. وتحتوي على أول (معجم) في ذلك الزمن بالخط المسماري. وكان بين علماء الآثار، وهم بإشراف وزارة الثقافة والآثار السورية، عالم آثار إيطالي، استطاع سرقة بعض الألواح الطينية ونشر ترجمتها ليثبت أن اليهود كانوا هنا!! من خلال ورود اسم أبرام ، إشارة إلى النبي إبراهيم. لكن رد عليه كثير من علماء الآثار مفندين ترجمته وميوله الصهيونية. وحتى لو ورد اسم أبرام أو إبراهيم فهذا ليس دليل استيطان اليهود أو بني إسرائيل هنا.
يعرض الباحث الفاضل الأخ هادي معاني اسم أبرام ومنطوقاته الأخرى. فقد استعرض معانيه عند الآخرين: فقال بعضهم إنه من السريانية ( إبْ بمعنى الأب، + راهيم أي رحيم.). أو هو أبو رَهام، أي أبو الجمهور العظيم. وكأنه منقول عن أبراهام…ووقف د. هادي عند معنى: ” أبو الأنبياء”، وقال: ” كيف يسمى أبا الأنبياء من قبل أن يبعثه الله نبياً؟ وكل التسميات السابقة لم تكن لإبراهيم إلا بعد أن صار نبياً “.
وأوضح أن للكلمة جذرها العربي( برهم) التي هي إدامة النظر وتسديده دلالة على الحكمة وطول الفكر. وهي أقرب المعاني للقبول من المعاني المذكورة سابقاً. وذكر كلمة ( البراهِمة) عند الهندوسية للدلالة على حكماء دينهم.
وخلصَ إلى أن إبراهيم كلمة قديمة من العربية الأولى من قبل الانشطار اللغوي، وتحولت من أبرام وأبراهام، وغيرها، وبقيت في العربية على لفظها. وهذا جهد شامل وكبير يُشكرعليه. وأضيف:
في الإصحاح السابع عشر:” تكلم الله معه قائلًا: فلا يُدعى اسمك بعدُ أبرام بل يكون اسمك إبراهيم، لأني أجعلك أباً لجمهور من الأمم، وأثمّرك كثيرًا جداً وأجعلك أمماً،…. وقال الله ” لإبراهيم” وأما أنت فتحفظ عهدي …..”
وعلى هذا يصح الاستنتاج بأنه “أبو الأمم” لا ” أبو الأنبياء”. واعتباراً من هذه الآية الأخيرة وحتى نهاية أسفار التوراة يرد الاسم بصيغة ” إبراهيم”. كما أثبت د. احمد داوود الباحث السوري في المجلد الضخم الموسوعي الشامل ” تاريخ سوريا القديم” وأنقل:
(لقد ظل ” أبرام” يدعى بهذا الاسم طوال الفترة التي لم ينجب فيها ولداً، وتحديداً حتى الآيات الأولى من الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين. ثم ما إن يولد له إسماعيل حتى يتغير اسمه في التوراة مباشرة من أبرام إلى إبراهيم) كما مر سابقاً.
واسم أبرام هو لقب أي ” العابر أو الذي عبر” لعبوره مع قومه إلى أرض كنعان.وهو من الجذر الثلاثي الصامت: عبر، وأبرام أحد اشتقاقاتها. ويوضح أحمد داوود أن الميم في أبرام هي إحدى نهايات الأسماء المفردة بالعربية الكنعانية من مثل: مريم وكلتم وعموم…كما ان الهمزة والعين أكثر الأحرف العربية تبادلاً في المواقع…وقد تكون الصيغة الأخرى لاسم ” إبراهيم” هي الجمع منها وتعني ” العابرين” إذ النهاية ” يم” هي علامة جمع المذكر في العربية الكنعانية فتدل بذلك على بيت إبراهيم ككل.
ويوضح نقطة أخرى: لم يُدعَ إبراهيم بــ” العابري” من معنى العبور كأي فرد عبر معه إلى أرض كنعان. فقد طغى اللقب على الاسم،على كثير من الطبقات المتميزين منذ القديم وحتى العصر الأموي والعباسي،في المعبد والإدارة والحكم ومكان الإقامة والمهنة، كعادة العرب في تغليب الألقاب على الأسماء، مثل الحدّاد والنّجار والدّهان والشامي والمصري والبغدادي…
يتبع/ مصطفى سليمان/ سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى