التجويع طريقا للتطبيع

عدنان الصباح | فلسطين

لبنان يقترب من ترسيم الحدود والسودان دخل بوابة التطبيع ببعض بيانات الاستنكار ولا أكثر أكان ذلك داخليا أو خارجيا والإمارات تفتح بوابات العلاقات التجارية على مصراعيها ولم يعد اسم العدو الصهيوني أو دولة الاحتلال تو الكيان المزعوم أو الكيان المسخ أو ما يسمى بإسرائيل قائما فقد غابت كل هذه التسميات عن قاموس العرب ونهائيا ليحل مكانها مفردات جديدة نتقن ابتكارها وأخطرها ما نستخدمه نحن الفلسطينيون بكلمة “الطرف الآخر أو الجانب الآخر” وأخطر ما في هذا التعبير أن يقاربنا بهم حد اعتبارنا قطبين متساويين لمعادلة واحدة دون أن نجد ما يساوي ذلك لديهم على الإطلاق فلم يغيروا من قواميس لغتهم حرفا واحدا وظللنا بالنسبة لهم كما كنا ولم يجرؤ أحد من المطبعين على مطالبتهم بتغيير مناهجهم المدرسية أو بلجم إعلامهم عن مهاجمتنا وتصويرنا بصور مزرية لا تليق بالبشر حتى بل رحنا نحن متطوعين نلجم إعلامنا وصحافتنا وكتابنا وتطوع البعض منا للدفاع عن حق المحتلين بأرضنا وصار حماة العروبة حماة للمشروع الصهيوني في المنطقة وباتت الدولة الإمبريالية الأولى سيدة كل شيء وصار احتلال العراق أمر مفروغ منه وقواعدهم في كل بلد عربي حق مطلق بل إن الدول التي تستقبل القواعد الأمريكية علنا كمضيفة للمعتدين على كل ما هو عربي ومن يسرقون ثرواتنا علنا هي الأكثر قدرة على الظهور بمظهر الوطنية والقومية وكأنها حامي حمى العرب وتجبر دولة مثل السودان على التكفير عن جريمتها بمحاربة أمريكا بأن تدفع الثمن تطبيعا مع دولة الاحتلال وتجبر دولة صغيرة ومسالمة كدولة الإمارات العربية المتحدة على شراء صفقة طائرات إف 35 بمليارات الدولارات لكن المثير بالأمر أن شروط إسرائيل ستكون حاضرة حتى في صفقة عربية بالمليارات وستلتزم الولايات المتحدة بأن لا تمتلك طائرات الشبح هذه المواصفات التي تمتلكها نفس الطائرات لدى إسرائيل بحيث تضمن الولايات المتحدة استمرار التفوق العسكري لدولة الاحتلال في كل المراحل وحسب وكالة رويتر للأنباء فإن “إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس كيفية هيكلة صفقة بدون تشغيل الطائرات وذلك من أجل أن تكون مغايرة للمزايا التي تمتلكها إسرائيل” وبالتالي فإن دولا عربية ستدفع ثمنا لأسلحة لا معنى لها كما سبق ودفعت السعودية ما يقارب الـ 500 مليار دولار ثمنا لصفقات كانت الأسلحة أهمها وتبجح ولا زال دونالد ترامب عن قيمة وأهمية صفقات المليارات لدى العرب وعدد فرص العمل التي ستوفرها وكذا فعل نتنياهو تعليقا على الاتفاق مع الإمارات في حين يعاني الفلسطيني يوميا من غياب قوت يومه وصار العمل في مشاريع دولة الاحتلال بما في ذلك المشاريع الاستيطانية هو مصدر الدخل الأهم للاقتصاد الفلسطيني مما يجعل حكاية قرع خزان الراحل العظيم غسان كنفاني حكاية ممجوجة بعد أن صارت قرعا على أمعاء الأطفال وتحولت من فعل أراد به كنفاني أن نطلق للكفاح فعله غالى الفاض يراد بها التحذلق بالكلام لا أكثر ولا أقل.
لا تأشيرات دخول لمواطن دولة الاحتلال إلى الإمارات ولا إلى تركيا وكذا سنجد العرب يتسابقون على فعل ذلك بحيث يصبح من يحمل جواز سفر الاحتلال هو الزائر المفضل للعرب بينما قد يخرجون جواز السفر الفلسطيني من الخدمة ونعود نستجدي بطاقة سفر بعد أن يجد الإماراتي تل أبيب اقرب من عمان ويجد العماني حيفا أقرب من القاهرة وتضيف مطاعم العرب العبرية إلى قوائم الطعام الذي لا يجده المواطن الغزي ولا أحد يعلم بجوع أبناء الموظفين العموميين في الضفة الغربية وثمن الخبز تستثمره دولة الاحتلال بمشاريع مشتركة مع عرب التطبيع وما بين الخبز والمليار يظل العربي من يدفع نقدا والفلسطيني من يدفع قهرا وجوعا ويظل الاستنكار سلاحنا من بعيد ولا شيء أكثر وسنواصل الإكثار من الاستنكار ويواصلون الإكثار من التهويد والاستيطان بعد أن صمت العرب وجفت حلوقنا.
على يد عرب أمريكا باعت الحرة في سوريا ثدييها واختفت ماجدات العراق ونساء القبيلة في ليبيا صرن بلا قبيلة واليمن صارت جزرا محروقة وجاع السودان حتى ركع وإذا لم يستطيعوا تحطيم إرادة أمة فإن عرب أمريكا جاهزين للشراء لصالح أعدائهم فها هي السودان تشتري قسرا خبزها بالركوع ولا زال الجوع سيد الموقف في فلسطين فأي تطبيع يريدون ولماذا يجري الصمت والتعتيم على كل ما يجري وهل هناك طريق للتطبيع ندشنه نحن بجوعنا المسكوت عنه عنوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى