رحلة إلى الجنوب اللبناني قامت بها وفاء كمال (11)

سحمر قاع الدم (11)

لم يعد غياب ياسر بعد خطابه التحريضي ضد الإسرائيليين لغزاً ..فقد بدا واضحاً جداً انه قد انتمى لجبهة المقاومة الوطنية . حيث لم تنقضِ جولة تفتيشية إلا وهو في عداد المطلوبين من قبل جيش الاحتلال .مع مجموعة من عناصر تنتمي لمنظمات أخرى … وقد تسلل إلى منزله من بين القبور بعد انتهاء الجولات التفتيشية لقوات لحد ونادى شقيقته من خلف النافذة بصوت مخنوق لكنها عرفته.. فتحت النافذة وهي ترتجف:
ـ تؤبرني ياخيي …
وضع ياسر إصبعه على فمه .مشيراً لها كي لاتُحدث جلبة وتعمشق حتى وصل إلى النافذة وقفز نحو الداخل .
قبَّلته شقيقته :
ـ (وين هالغيبة؟). اعتقدناك في قبضة الإسرائيليين .فقد سأل عنك اللحديون بالأمس . قلنا: إنك تعمل في فرن ببيروت. .
قال ياسر: لن امكث طويلاً لاتُحْدِثي جلبة.. لاأريد أن تستيقظ أمي.. (كلمتين ورد غطاهن) . لقد دَفَنْتُ في تِبْنات جارنا بالجانب المواجه لغرفتك سلة فيها مجموعة ذخائر وأدوية ..وهذه رسالة سلميها لزوبا
ـ والسلة ؟؟
ـ دعيها إلى أن تقرأ زوبا الرسالة .
ـ ولورآها جارنا ماذا نفعل؟
ـ لاعليكِ … نحن قد رتبنا الأمر معه . فقط أوصلي الرسالة لزوبا في الصباح الباكر، ويُفَضَّل أن لا تثيري انتباه أمها. .
ـ (ياعمري ياخيي خايفة يفسدوا عليك ..من أيمتا كانت الأحزاب تتفق مع بعضها عندنا) ؟
ـ ليس للموضوع دخل بالأحزاب كل منّا منفصل عن الآخر وله قيادة توجهه لكننا جميعاً نشكل جبهة وطنية واحدة ضد العدو . لاتخافي حبيبتي فحب الوطن أقوى من جميع الأحزاب والمنظمات. ألم يقل الإمام علي (عليه السلام) حين قيل له إن الروم على شواطئنا: (والله لو فعلها بنو الأصفر لوضعتُ يدي بيد معاوية)؟ فكل القيم يمكن أن تزول لكن حب الوطن ينهض من الأنقاض ولايمكن لأحد ان يقاومه إلا إذا كان نذلاً وعميلاً .
ـ (والله ياخيي أنا مش قد هالحكيات تعا لزينلك شعرك .
ـ تريدين أن تملأي البيت قملاً ؟ قال ضاحكاً .
ـ (يامعترة ياأنا مقمل كمان) .
ـ إنني أمزح لدينا مبيدات للإسرائيليين , فكيف لانملك مبيداً للقمل ؟
ـ (طيب ادخل لتستحم بينما أحمي لك بعض السحلب .
والله مللتُ من المعلبات ..هيا احمي السحلب ولكن أسرعي . .
انتهى ياسر من الحمام بسرعة فائقة .فناولته شفيقة لباساً داخلياً وضحكت وهي ترفع أنفها حينما لاحظت تلوث لباسه ,وقالت:
ـ ( يادلِّي عليك ياخيي هيدي آخرتك) ؟ قال:
ـ (مؤخرتي صارت كلها فسافيس) .ومع ذلك فنحن نحب الحياة. وقد علَّمَنا الزعيم ان نحب الحرية ونحب الموت متى اعتقدنا أنه الطريق إلى الحياة. وأنه علينا أن ننسى جراحنا النازفة لنضمد جراح أمتنا البالغة . .
يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى