الهجن.. فوائد عديدة ونتائج سديدة

عبد الله الحكماني | سلطنة عمان

لو دقّقنا في قطاع الهجن لوجدنا فوائده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية على المجتمع العماني خاصة والخليجي عامة لا تعد ولا تحصى!
فإذا بدأنا من الجانب السياسي والاجتماعي لوجدناه خلق لنا لحمة وطنية خليجية من خلال الاتحادات والمؤسسات التي تعمل مع بعضها البعض بمودة واحترام ومن خلال المهرجانات السنوية التي تنتشر هنا وهناك ويجتمع بها الناس من كل دولة ومدينة في منطقة الخليج حيث ترى العماني مع الإماراتي والقطري والسعودي.. وعلى مستوى الدولة الواحدة ترى الانسجام بين الكثير من القبائل والعائلات التي ربما قبل هذه المهرحانات لم تكن على قلبٍ واحد!
أما على المستوى الثقافي فيكفي أنه من خلال هذا القطاع تعرّف أصحاب الهجن على الكثير من مفردات الحياة المعاصرة أقلّها حينما تسمع لرجل كبير في السن لا يجيد حتى القراءة والكتابة ويطلبك ان ترسل له رابط الناقة فلانة والفائزة في المهرجان الفلاني!
أما الجانب الاقتصادي فهذا يطول الحديث فيه فكم من شخصٍ استفاد من هذا القطاع سواء من خلال بيع الهجن أو من خلال العمل في قطاع الهجن كمدّرب(مضمّر) سواء مؤسس لعزبة او يعمل مع غيره وكذلك من يعمل كعامل او سائق او مشرف إضافة إلى المستفيدين الآخرين من خلال النقل العام او السمسرة في الهجن أو افتتاح مشاريع لها علاقة بالهجن كمحلات الأعلاف ومزارع القت ومواد إضافية اخرى يتم استخدامها للهجن خصوصا هجن السباق وكذلك العيادات البيطرية وضف على ذلك الكثير.
فهذا العدد الكبير ممن أحتواهم هذا القطاع لربما بانهياره سيصبحوا ضمن طوابير الباحثين عن العمل مما يؤثّر سلبا على الأوطان.
لذلك قطاع الهجن لا يستهان به أبداً ومن الواجب دعمه والاهتمام به سواء على مستوى الشعوب او الحكومات.
ويتمثّل دعمه في تسهيل الاجراءات لكل ما يتطلبه وإعطاء الفرصة لأصحاب الأيادي البيضاء الذين يقومون بدعمه خصوصا من خلال وضع الجوائز السنوية لللمهرجانات سواء الخاصة بالسباق أو بالمزاينة والمحالبة أو اي مهرجان آخر كالعرضة مثلا او غيرها.وحبّذا الدعم المادي للأعلاف الحيوانية بقدر المستطاع وكذلك توفير أماكن خاصة للعزب فيما يخص السباق وتوفير مناطق خاصة للرعي وحمايتها من التوسّع العمراني والعبث البشري.
ويبقى الجانب الأهم على المشتغلين في هذا القطاع فبهم يصعد وبهم ينزل. لذلك يتوجّب عليهم تقوية هذا القطاع بالحفاظ على مصداقيته وتطهيره من الغش والفساد في حال كانت هناك حالات تستدعي التطهير طبعاً وهم أدرى بما يدور داخل مجالهم كما أنه يتوجّب عليهم تطوير القطاع من خلال توسعته فلا يكتفوا بالمزاينة او بالسباق فقط لأن السباقات كما نراها قائمة على أشخاص هواة وهم بلا شك فضلهم لا أحد ينكره -لهم جزيل الشكر والأمتنان- ولكن للزمن تقلّباته وربما يأتي في يوم من الأيام اشخاص آخرون لا تستهويهم سباقات الهجن وبذلك ينقطع الدعم ويتضرر القطاع وهذا يحدث ايضا مع المزاينة. فمن المنطقي أن تكون هناك بدائل لهذا القطاع يتّكيء عليها والبديل المنطقي أن تكون هناك شركات مساهمة لإنتاج كل ما يمكن الاستفادة منه من الهجن. والهجن كما يعلم الجميع يمكنك الاستفادة من لحمها ولبنها كغذاء ومن جلودها كمصنوعات جلدية وحتى بعرها يمكن الاستفادة منه في الأسمدة الزراعية!
علاوة على ذلك بالإمكان الاستفادة من الهجن خارج الدائرة التجارية والصناعية في كثير من المجالات المعرفية الأخرى كالفن والأدب والثقافة فالمصوّر يستمد منها مادة لاعماله وكذا الشاعر والروائي والفنان التشكيلي و…الخ.وهكذا مع البحوث الأكاديمية في التخصصات ذات العلاقة.
فمن الضروري الاهتمام بما تنتجته وتساعد فيه والاستفاده منه محليا وتصديره عالمياً وبهذا ستكون استدامة القطاع مما يجعل مالك الهجن وصاحب المهنة لا يقلق على مستقبله ولن يهجر القطاع وسيجد البديل في حال لم يُوَفّق في السباقات والمزاينات .
وبعد كل هذا فليس بغريبة أهمية الهجن واهتمام العربي بها فهي الناقلة والطاعمة والساقية والكاسية للعربي منذ آلاف السنين ويكفيه فخراً أنه ورد ذكرها في القرآن الكريم كلام الله وكتابه المقدّس ومن هذا المنطلق أتت أهميتها كركيزة أساسية في التراث الخليجي مما جعلها تنشيء قطاعاً اقتصاديا بأكمله على غاربها في عصر التكنولوجيا الحديثة والطفرة الصناعية والمالية والفكّرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى