ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة (59)

محمد زحايكة | القدس – فلسطين

 

د. سامي الكيلاني.. شخصية راقية ومتزنة ومبدع في مجالات شتى

لم يعد يذكر الصاحب كيف كان اللقاء الأول مع المبدع سامي الكيلاني.. ولكنه بالتأكيد لن  يخرج عن إطارين إثنين.. إما من خلال زياراته لجريدة الفجر المقدسية وخاصة الفجر الأدبي التي كان يرأس تحريرها الراحل الشاعر والباحث علي الخليلي، وإما من خلال بعض الفعاليات الجماهيرية التي كانت تمور بها مدينة القدس في مرحلة مشرقة من صفحات النضال الشعبي الفلسطيني .

وكان الصاحب عندما يلتقي سامي الكيلاني هذا الإنسان الراقي الخجول رفيع التهذيب والذي هو على خلق جميل وفي حالة ابتسام وحبور دائمة،  يشعر بالارتياح  والطمأنينة وكأنه بين أيد أمينة متفائلة ترفع المعنويات وتنشر عطرها الفواح في كل مكان تحل به. وكان الصاحب يتابع زاويته الأدبية الجميلة “زهرة  لوز” على صفحات جريدة الفجر، وهي أشبه بقطعة أدبية تثلح الصدر بكلماتها وسطورها  الزاهية العابقة بروائح الربيع البهية، كأنها ترانيم الطبيعة والأرض البكر المزدانة  بالورود والرياحين.

ولاحظ الصاحب أن سامي الكيلاني يتميز، بتقبل  الاختلاف في وجهات النظر بصدر رحب ونفسية  راضية وبكل أريحية  وينأى بنفسه عن الجدل والنقاش البيزنطي أو الذي من الممكن أن يؤدي إلى حساسيات معينة أو أن يوغر صدور  المتخالفين، وظهر ذلك خاصة بعد  حالة التراشق الإعلامي على أبواب أوسلو  أو في حالة الانقسام في جبهة اليسار الجذري حيث انحاز إلى  قناعاته الجديدة  بهدوء  بعيدا عن الأجواء المسمومة والضوضاء والجلبة والخلافات الطاحنة أو على الأقل هذا ما بدا للصاحب اللاهب .

وطبيعي أن أوسلو أحدث شرخا في أوساط الجماهير والنخب والمسيسين، بحيث حدثت اصطفافات جديدة، بحيث نأى الصاحب بنفسه عن قطبي التجاذب وان بقي ميالا إلى التيار المعارض للنهج الاوسلوي. ولكن الصاحب اعتبر انه ليس له ناقة ولا جمل في حالة الاستقطاب هذه ، والحقيقة كان الصاحب كمن يرقص في العتمة.. فعلى بال مين يا اللي بترقص في العتمة.. فلم يستشره أحد أو يحاول استقطابه أحد.. فهو كم مهمل منزوي في الهامش وفي ظلام  العتمة؟

ورغم هذه السحابة والغمامة السوداء.. بقيت الصورة الجميلة والزاهية عن الرفيق الدمث الطيب سامي الكيلاني منطبعة في ذهن الصاحب ، فانسان مهذب وصاحب روح جميلة  ونقية مثل سامي الكيلاني لا يمكن نسيانها بسهولة .

وإلى اليوم يسترجع الصاحب في هدأة الليل، بعضا من هذه الصور والذكريات  الجميلة التي جمعته مع هذا المبدع  المثقف والأكاديمي والسياسي المتألق الذي حمل هموم شعبه وراح يزرع بذور الوعي بالحق الفلسطيني في أعماق أجيال من الشبيبة الفلسطينية الصاعدة  .

سامي الكيلاني.. أكاديمي ومحاضر جامعي ومثقف ومبدع في المجال الأدبي.. شخصية بأبعاد إنسانية راقية.. تتصف بالتوازن والحكمة والتعاطي بمسؤولية مع القضايا الوطنية وتحرص على زرع بذور الانتماء وحب الوطن بروح وأخلاق شفافة بعيدا عن التحزب الأعمى المقيت .

وشعبنا اليوم بحاجة ماسة إلى هذه النوعية الملتزمة والنورانية لهديه وإرشاده إلى طريق النجاة والخلاص .

كل الاحترام والمحبة لهذا المبدع الإنسان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى