كلام في التواضع والضعة

د. خضر محجز | غزة – فلسطين

إن الدعوة إلى التواضع للآخرين، لا تنشأ إلا من أوساط العبيد، يرون أن الآخر لا يراهم، فيرجون أن ينزل ليراهم. وبمجرد أن ينزل يحاسبونه على شرفه مقابل ضعتهم، وعلى صدقه مقابل لؤمهم، بل إنهم ليحاسبونه على جماله مقابل قبحهم.
العبيد أقدر على الكفر، لأنهم في أعماقهم يرون أن تقسيم الأقدار لم يكن عادلاً.
فإن سألتني: فلم دعا الإسلام إلى التواضع؟
قلت لك: لقد دعا إلى التواضع بالفعل، لكن لله، لا للعبيد. فقال: “من تواضع لله رفعه” تلك كانت صيحة الإسلام، دعوة السادة أن يشفقوا على العبيد، لا أن يتساووا معهم، في الأشياء، بل فقط أمام القانون، أمام العدالة، لا أن يزوجوا العبيد كرائم فتياتهم.
لكن العبيد يعتقدون أن الدعوة إلى التواضع، تحمل في طياتها دعوةً إلى المساواة. والمساواة عندهم أن تتقاسم معهم قبحهم، لا أن يتقاسموا معك جمالك، لأنك إن منحتهم بعض جمالك قبحوه، فلا ريب أن وضع قطرات العطر على بحر من الخراء لا يجعل الخراء عطراً.
هذا هو السر في عدم قدرة المنحطين على الارتفاع، على الترفع. إنهم ينكشون الأرض عما تبقى مما تخلى عنه السادة.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أفعن معادن الناس تسألني؟ الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا”
أتعلمون معنى ذلك؟ معناه أن السيد إن علم دينه وآمن قلبه، هو القادر على أن يكون العادل الرحيم. وإلا فأعوذ بالله من حكم المظلومين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى