بين عقلك وقلبك وضميرك

بدرية السيابي | كاتبة عُمانية

ما أصعب الحيرة بين عقلك وقلبك وضميرك رغم كل ما أنت عليه من نعم أنعمها الله لك في الصحة، في الذرية، في المال، في النجاح، وغيرها من النعم، ولكن دائماً هناك تحس بالنقص وعدم الاكتمال فالكمال لله وحده، دائماً تبحث عن ما هو الأفضل والأمثل، ولا تقتنع بما تملكه بين يديك، تحركك مشاعر الحماس وصراخ تحقيق الأمنيات لتصل للقمة بكل عزيمة وإرادة فتنغمص في عمق الحياة بكل تفاصيلها، ويتمحور تركيزك في توسيع العلاقات العامة والخاصة، وتسعد أكثر عند تعلمك من كل أخطائك بعد فشلها مراراً وتكرارا.

هل أنت مقتنع بما تملكه؟ هل توافق عقلك مع قلبك وضميرك؟ لربما البعض يقول هل لي من مزيد! والبعض يجعل يده على خده ينتظر رحمة الله تنزل عليه! والبعض يبحث عن كنز أحلامه ليجده بعد جهد كبير ليفرح بكل إنجاز أنجزه وتعب عليه، ويفتخر بكل ما يملكه حتى من أبسط الأشياء، أحياناً تأتيك روح المغامرة حتى في أحلامك، فما بالك على أرض الواقع تعيش لترى ما هو أمامك، لتتحمل الصدمات والسقوط، والنهوض لتعلو شامخاً فرحاً لتحقيق حلماً طال انتظاره، لا شي يدوم على هذه الدنيا، فكل شيء راحل المال، والجمال وكل ما يسعدك ويضرك، راحل دون العوده إليه.
أحياناً الإنسان يتعمق بما تميل إليه النفس وينسى من حوله، ليسترخي كل جوارحه ويغمض عينه، ويردد في نفسه بين الحين والآخر أنا قادر على التغير، كل ما يلخبط حواسه وكل ما يعيق بينه وبين نفسه من أفكار تتراقص فرحاً لتنفيذها لتفرد بجناحيها، فتحلق وتغرد بأصوات تسعد لها النفس، وتعلن عن إنتصاراته الدائمة، ليس غروراً عندما تجد نفسك في قمة الثقة، وتزايد زحمات نجاحك وراء الآخر في الحياة، لتتلذذ طعم النجاح، لتوازي الأشياء بين استقرار ومتطلبات عقلك وضميرك وقلبك،فالإتزان والموافقة بين أمورك تجعلك مدركاً وواعيا.

إطمح وأسعى للأفضل ولا تتردد ما دام قلبك ينبض للحياة، فقد خلقنا الله في هذا الكون ليس بصدفة، فهناك خالق مدبر الكون كله، يقول تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]، إذ جعَل مُضغَة القلب فيها تعقُّل، فبِبَياضِها يعرف الحقَّ ويعقل، وبِسَوادها يُظلِم الإنسان ويجهَل، خلق لك العقل لتسير نحو الطريق الصحيح، كما خلق لك قلب لتنعم بالحب والود، وخلق لك الضمير لتعود لأخطائك لتفاديها قبل الوقوع في حفر الطمع والجشع وحب التسلط، فالضمير هو الصديق المخلص للإنسان من وجهة نظري، ولا تقع في شباك الحسد والحقد فترى ما تملكه أقل مما يملكه غيره، لعل ما تملكه أنت لا يملكه غيرك “فالقناعة كنز لا يفنى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى