الشك مرض صامت

رحاب يوسف | كاتبة تربوية وقاصة فلسطينية

مرضٌ يقتل بصمتٍ داخل نفوسنا يسمى الشك، ولكن لماذا يشك الإنسان في غيره؟ أهو نوع من أنواع الشخصية؟ أم هرمون كيميائي؟ أم أنه مرتبط بفئة عمرية يتغير بتغيرها؟ كيف يشعر الشكّاك بالراحة عندما يتنفس أكسجين الظن، وثاني أكسيد الكربون الذي يسمى الشك.
البعض يظن الشكَّ نوعاً من الذكاء والتذاكي فيحرص عليه، والبعض يراه سلاحاً احتياطياً حتى لا يضحك عليه الناس، فهذا شكٌّ غيرُ سوي، يقوم على الاتهام، يوحي صاحبه للآخرين أن شكّه منطقي وموضوعي، لكن دون دليل، ربما وقع حدثٌ ما أثار الشكوك، لكنه غير واقعيٍّ، ولا يقوم على التفكير المنطقي المتسلسل، إنما هي أوهامٌ يملأ بها فراغات المعلومات التي عنده.
يشك الشكّاك أن الناس يقصدونه بهذا الفعل، فتجده لا يُطلع الآخرين على ما داخَلَه من أسرار مُطلَقاً، حتى لا تُستخدَم ضده في المستقبل، فيخاف ويزداد شكه، و تجده لا يغفر بسهولة، يقول أحدهم: “عندما كتب صديقي ملاحظاتي بقلم رصاص قلت له: أنت تحتقرني، أنا لا قيمة لي عندك، تكتب ما أقوله بقلم رصاص حتى تمحوها” فالشك قد يصل إلى الحالة المرضية، ينظرصاحبها إلى جميع الأشياء بمنظار الشك، فيريد أن يخفف من وطأة هذه الصفة التي التصقت به، فيسميها “اجتهاد”؛ ليضفي عليها نكهة تخفف مما في داخله.
الشخصية الحساسة شكّاكة أكثر من غيرها، تراها تعبت من شكها، فتلقي بظلالها على الآخرين، فتسقط هفواتها عليهم، يقولون في علم النفس: من أسباب الشك “الأنانية، والخوف، وحب السيطرة”.
يعتقد الشكاك أنه يرى ما لا يراه الناس، وأن شكه نوعٌ من الذكاء، وأنه يقرأ الخفي من الخفي، فالعاقل من يوجه نفسه، والشك الذي يعيق التقدم بحجة الدقة والنظام واستكشاف النفوس المريضة، لا مرحبا به، وعلاجه الوحيد إعطاء الشكاّك البيّنة، فهي أقوى وأوضح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى