إذا أردت السلام فلابد أن تخطط للحرب

د. طارق محمد حامد | أكاديمي مصري

كشفت هذه المقولة الشهيرة لأحد الحكماء مكنون الحرب الروسية الأوكرانية الراهنة و يروق لي أن أستبدل لفظ السلام بلفظ مكتسبات أو مكاسب سياسية واقتصادية و هذا ما سعت إليه روسيا من هذه الحرب علي أوكرانيا و في تصوري أنها نجحت في حصد مجموعة من المكتسبات علي كل الأصعدة و منها ؛

1- إعادة تشكيل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد والذي طفا علي سطح الأرض بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي السابق و وريثته روسيا الاتحادية و خضع هذا لنظرية تحريك المياه الراكدة لإحداث تغيير ما و أعتقد أنه حدث فعليا و نظريا بعد حرب تكسير العظام الاقتصادية من خلال تحالف روسي صيني ومجموعة الدول الشعوبية و الشمولية وريثة الشيوعية و اتضح هذا جليا في أكثر من مناسبة تعلقت بتفشي مجموعة من الأوبئة في العالم مثل السارس و انفلونزا الطيور و الخنازير و آخيرا فيروس كورونا وظهرت فيه الصين بمظهر الند للند للولايات المتحدة الأمريكية في مجال تصنيع اللقاحات ،كذلك في تغول الإقتصاد الصيني والكوري وغيره من اقتصاديات الدول الحليفة لروسيا و التهامها لأسواق أمريكية في عدة دول مختلفة و بات الاقتصاد الصيني عابرا للقارات بل و هدد الاقتصاد الأمريكي في عقر داره و هذا ما يشي بتغير ملحوظ في خارطة العالم الاقتصادية فضلا عن الخارطة السياسية.

2- ظهور روسيا مرة أخرى لمسرح السياسة الدولي و إظهارها كقوي عظمي باعتبارها وريثة القطب الشرقي أو الاتحاد السوفيتي أبان الحرب العالمية الثانية و الحرب الباردة و التي كان فيها صراعا محموما بين القطبين في مجال التسلح النووي و غزو الفضاء و تأمين الترسانة العسكرية الضخمة التي ظلت ما يقارب النصف قرن من الزمان .

3-كسب أحلاف جدد من خلال نظرية من ليس معي فهو ضدي و ظهر هذا سابقا من خلال الأزمة السورية حيث كانت و ما زالت  روسيا تقوم بدور الفاعل فيها لإنعاش و الإبقاء علي النظام السوري باعتباره حليفا استراتيجيا لروسيا في الشرق الأوسط.

4_ تقليم أظافر و نزع مخالب ما يسمي بالترسانة النووية في أوكرانيا أو ما تبقي منها كذلك إنشاء مناطق مستقلة عازلة بينها و بين أوكرانيا من خلال السعي لحصول بعض الأقاليم استقلالها عن أوكرانيا لتكون دولا ذات سيادة مستقلة ولاؤها لروسيا و بذلك تضمن عدم التحرش الأوكراني السياسي و العسكري بها من آن لآخر.

و من خلال هذه الحرب الهلامية يتضح أن آلة الصلف لا يكسرها إلا آلة صلف مثلها و أعني هنا أمريكا و لا يرغم أنوف القياصرة إلا الأكاسرة وفي نهاية المطاف المصالح تتصالح و تتحالف لالتهام كعكتنا نحن العرب  الحلقة الأضعف في هذه الدائرة المحمومة والضعفاء دائماً ما يدفعون هم الثمن الباهظ و كما يقال: إذا لم يكن لديك خطة للبقاء فسوف تكون مستهدفا في خطط الآخرين للقضاء عليك لتصبح أثرا بعد عين و كما قال جورج برنارد شو: ‘إذا أعاد التاريخ نفسه سيظهر عجز الإنسان عن التعلم من التجارب.’ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى