في ذكرى ملحمة السويس.. رحم الله البطل الرمز الشيخ حافظ سلامة

د. صالح محروس | كاتب وأكاديمي مصري

كتب الشيخ حافظ سلامة كتاب بعنوان “ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان حقائق ووثائق للعبرة والتاريخ” وشاء الله سبحانه وتعالي أن يموت في ذكري هذه الملحمة في شهر رمضان المعظم “26 ابريل 2021 – 14رمضان 1442 ” يعتبر كتاب ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان حقائق ووثائق للعبرة والتاريخ لمؤلفه الشيخ حافظ على أحمد سلامه إمام المقاومة الشعبية بالسويس بمثابة وثيقة هامة للتعاون والتلاحم الذي تم بين المقاومة الشعبية بزعامة الشيخ حافظ سلامة والقوات المسلحة أثناء ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان 1393هـ الموافق السادس من أكتوبر 1973 م في الدفاع عن المدينة الباسلة ( السويس ) ضد محاولات إسرائيل احتلالها في 23 و24 من أكتوبر 1973م . وضح الشيخ حافظ سلامه في هذا الكتاب عوامل النصر الذي تحقق بفضل الله ثم بجهود القوى العربية و الاسلاميه و المصرية في حرب رمضان المعظم سنه 1393 هجريه وأنه لم يأتي من فراغ أو عن طريق أسباب ميدانيه ومجالات استراتيجيه وتكتيكية أو الاعتماد على السلاح الحديث والتدريب العنيف القوات المسلحة وتشكيلاتها في الأرض والجو والبحر لسنوات طويلة فقط أو القوه المادية الضاربة لجنودنا البواسل مهما بلغت من الكم والكيف أو قوة في الأداء من خلال المعركة الهائلة ذلك كله مجرد أسباب شكلية حتى تصل إلى أمر الله تبارك وتعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوه ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) سورة الأنفال الأية60. وذلك للقاء عدو شرس يمتلك من صنوف الأسلحه المدمرة الهجومية و خبرة علماء الحرب في عصرنا الحديث وعنده من الإمكانيات الكبيرة وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية . فكان السبب الرئيسي للنصر في حرب العاشر من رمضان في تقديره بعد الإعداد الجيد للمعركة أن النصر من عند الله حيث الإرادة القوية للمقاتل المصرى المصممة على التضحية في سبيل الله فالمقاتل يكون أهلا لنصر الله أو الشهادة في سبيل الله وبين هاتين المنزلتين لمن يريد رضوان الله في هذه الحياة مصداقاً لقوله تعالى (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيما )سوره النساء الآية 74 . ويحكى الشيخ حافظ سلامه عن بطولات رائعة لمقاتلين مصريين منذ اليوم الأول للمعركة بعد العبور العظيم الذى يعيد إلى الأذهان موقف السلف العظيم في مقدمتهم أصحاب الرسول الأعظم صلي الله عليه وسلم في الجهاد والثبات في المعركة بقوة الإيمان بنصر الله عز وجل . ووضح الفريق سعد الدين الشاذلي في تقديمه لهذا الكتاب أهمية معركة السويس بين مصر وإسرائيل والتي أوضحت مدى الترابط بين الشعب المصري وقواته المسلحة في الدفاع عن أرضه وشرفه العسكري . ففي أعقاب نكسة 1967م كانت القوات الإسرائيلية تتمركز شرق القناة حيث كانت المدن المصرية غرب القناة تقع في مرمى مدفعيتهم ورغم أن القوانين الدولية تحرم قصف الأهداف المدنية إلا أن إسرائيل كانت تلجأ إلى قصف تلك الأهداف وكانت مدن القناة ومنها مدينة السويس تتحمل خسائر بشرية كبيرة نتيجة هذا القصف . وكان هدف إسرائيل من ذلك هو قهر إرادة القتال لدى الشعب المصري وإرغامه على قبول السلام مع إسرائيل بالشروط الإسرائيلية ولكن إصرار مصر على مواصلة القتال إلى أن يتم تحرير جميع الاراضى المصرية من العدو المغتصب مما دفع القيادة السياسية إلى تهجير سكان تلك المدن والقرى لكي تسحب من إسرائيل تلك الورقة التي تضغط بها على مصر وهكذا تم تهجير سكان السويس وكان عددهم حوالي ربع مليون نسمة . ويقول الشاذلي ولم يبقى سوى بضعة ألاف كان منهم الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية وكان إمام وخطيب مسجد الشهداء بالسويس وكأن الله قد اختاره ليؤدى دورا رئيسيا خلال الفترة من 23- 28 أكتوبر عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الاسرائيلى وإفشال خططه في احتلال المدينة الباسلة , فإن ملحمة السويس لم تأت من فراغ كانت نتيجة جهود بذلها الشيخ حافظ سلامه في إقامة علاقات وطيدة وأخوة بينه وبين ضباط وجنود القوات المسلحة حتى أصبح مسجد الشهداء مركز إشعاع ديني يلجأ إليه الضباط والجنود قبل خروجهم للعمليات القتالية خلال حرب الاستنزاف التي استمرت حتى أغسطس 1970 . ويواصل الشاذلي توضيح دور الشيخ سلامه في ملحمة السويس قائلاً(عندما نجحت قواتنا المسلحة في عبورها العظيم في السادس من أكتوبر كان الشيخ حافظ سلامه ورجاله يقومون بنقل الجرحى وخدمتهم في المستشفيات كما كانوا يقومون بدفن الشهداء . وعندما قام العدو بمحاصرة مدينة السويس 23 أكتوبر هنا ظهرت شجاعة وقوة الشيخ حافظ سلامة حيث أعلن تصميمه على القتال وأيده في ذلك المؤمنون من عسكريين ومدنين وزاد من عزمهم قرار العميد يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 مشاه التي كانت تتمركز شرق القناة والذي كان يقضى بدفع عناصر من أطقم الدفاع ضد الدبابات وعناصر الصاعقة من شرق القناة إلى مدينة السويس وهكذا تم دمج العناصر العسكرية مع المدنية في نسيج واحد ونجحوا في الدفاع عن المدينة عندما هاجمها الإسرائيليون يوم 24 أكتوبر 1973م) . ونشر الشيخ حافظ سلامه في هذا الكتاب العديد من الصور والوثائق الهامة منهم خطاب اللواء عبد المنعم واصل له حيث لقبه بالأب الروحي للقوات المسلحة وإنه الرجل الذي له الفضل الأول في رفع الروح المعنوية الدينية للقوات المسلحة وقد وعده بإنشاء مسجد بكل وحدة عسكرية . وكتب الشيخ سلامه أن العميد يوسف عفيفي كان من رواد مسجد الشهداء بالسويس . كما نشر سلامه في هذا الكتاب صور زيارات علماء الأزهر للقوات المسلحة وهم يلقون الدروس لحث الجنود على الجهاد ومقاتلة العدو الإسرائيلي . منهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون و الإمام الأكبر شيخ الأزهر محمد محمد الفحام وكذلك الإمام الأكبر عبدالحليم محمود ودكتور محمد أبو زهرة ودكتور عبد الله شحاتة وخطبهم للجنود المصريين وحثهم على الجهاد لتحرير أرض سيناء الحبيبة من اليهود. يحكى الشيخ حافظ سلامه في هذا الكتاب أن قصة المقاومة الشعبية بدأت من اليوم التالي للعبور العظيم في السادس في مجال الخدمات الطبية والمعنوية . ويجمع الكتاب شهادات العديد من الشخصيات العسكرية والمدنية التي يشهدون فيها بدور الشيخ حافظ سلامه في الدعم المعنوي والوعظ الديني للقوات المسلحة وكذلك معالجة الجرحى وتقديم المساعدات العينية للقوات المسلحة وأصبح مسجد الشهداء بالسويس رمزا للكفاح الوطني والتلاحم بين القوات الشعبية والقوات المسلحة من أجل تحرير الوطن وظهر بشكل واضح في الدفاع عن المدينة الباسلة ضد محاولات إسرائيل احتلالها أثناء حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر وأكد الشيخ حافظ سلامه في أكثر من موضع في الكتاب أهمية إعداد الجنود دينيا وجعلهم يتطلعون لإحدى الحسنيين إما النصر وأما الشهادة أن هذا النصر الذي تحقق هو نصر من الله للمؤمنين الصادقين فكان شعار الجنود ( الله أكبر) يزلزل أركان العدو الإسرائيلي وحكي في كتابه قصص توضح وقوف الله عز وجل إلى جانب المؤمنين .. ووفي نهاية الكتاب نشر الشيخ حافظ سلامه قائمة الشرف بأسماء عدد من الشهداء الذين استشهدوا في هذه الحرب . وتبقى بطولات الشيخ حافظ سلامه رحمه الله سواء ضد الاحتلال الانجليزى او في ملحمة السويس وقيادة ثورة يناير 2011 تؤكد أن الامة المصرية والعربية والاسلامية فقدت رجلا عظيما من رجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى