والدي

حسين جبارة | فلسطين 

عَشِقَ الرّبوعَ بِحسِّ إنسانٍ فقيرْ
ما عاشَ مُختارًا ولا كانَ الأميرْ
في بيتِ طينٍ راحَ يُمْضي عُمرهُ
يقتاتُ مِن عَرَقِ المُعاني والأجير
لم يعرفِ الكُتَّابَ قد عانى الدُجى
في يومِ بؤسٍ يَعمدُ “الشيخ” الخبير
في ظِلِّ جهلٍ مُطبقٍ أمضى الصّبا
لا والدٌ وعُمومةٌ، حُرِمَ الظهير
فَقَدَ المساندَ والشقيقَ وحيدَهُ
مُتَعرّضًا للحبسِ في اليومِ المثير
سبعًا عِجافًا راحَ يقضي قاصرًا
والسبعَ يقضي في سجونِ فَتىً طرير
في السجنِ يرزحُ كُبِّلتْ آفاقُهُ
والإرْثُ مرهونٌ لِمَلَّاكٍ نكير
لمّا تحَرَّرَ مِن وِثاقِ سلاسلٍ
عَرَكَ الحياةَ بصوتِ داعيةٍ بشير
عَرَكَ الحياةَ ، بِغيرةٍ نَسَجَ المُنى
وَبِهمَّةٍ أوفى حقولًا بال”عفير”
عاشَ التواضُعَ يكتفي سدَّ الطوى
والخِدْرَ يَرْضَى بالترابِ وبالحصير
بالدِّينِ آمنَ، بالقضاءِ مُقدَّرًا
كانَ المُصَلِّيَ حامدَ الربِّ البصير
بالصوتِ يجهرُ داعيًا ومُسبِّحًا
متفائلًا في السعْدِ في الفجرِ المُنير
كرهَ الأجانبَ لاقتحامِ دياره
طَلَبَ التَّحرُّرَ يُسعِدُ الجمَّ الغفير
أخفى المُجاهدَ عن عيونِ المُعتدي
متَعرِّضًا للضربِ والجَلدِ المرير
عاشَ الكرامةَ والوفاءَ سليقةً
في فطرةِ الفلّاحِ زعزعةُ المغير
لم يدرسِ التاريخَ أو حشدَ القوى
حشدَ الجهادَ والاجتهادَ لدى النفيرْ
ببراءةٍ وبساطةٍ وقفَ افتدى
بغيابِ دعمٍ حقَّقَ الكسبَ الجدير
بيتًا بنى بذراعِهِ وَبِصبْرِهِ
وبجهدهِ في الحرِّ في اليومِ المطير
وَبِوجبةٍ مِن لُقمَةِ الحَشَفِ اكتفى
فارتادَ ماءً راكدًا جَمَعَ الغدير
زرعَ الحقولَ بصيفِها وشتائها
بنجاحهِ كانَ المُجاهدَ والضمير
أوصى وليدًا باحترامِ مُعلِّمٍ
بعثَ الوليدَ لمنهلِ العلمِ الغزير
أوصى بنيهِ أنِ احفظوا أرضًا لكم
العلمُ نورُ الأرضِ تقريرُ المصير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى