فانتازيا جمعت الواقع والخيال في رواية الصامت للرّوائي الغزّيّ شفيق التّلولي

ديمة جمعة السمان
اصطحبنا الرّوائي الغزّيّ شفيق التّلولي في رحلة مزجت بين الواقع والخيال، جمعت بين الماضي والحاضر، في قالب أشبه ما يكون ب ” الأسطورة” فأدخلنا في دائرة الشّك والتّيه، فهل ما نقرأ حقيقة أم خيال؟


رواية “الصامت” التي صدرت عن دار الشروق في العاصمة الأردنية عمان جعلتنا نعيش مع كل شخصيّة من شخوص الرّواية ونقتنع بوجودها.
فليس من السّهل على الكاتب أن يجمع بين زمانين، يتنقّل بينهما من خلال الشّخوص التي رسمها، ليمرّر رسائل ناعمة، لم تكن مقحمة، جاءت سلسة، عبر حكايا الجدّات والأجداد، فكان هناك الحقيقة، وكانت الخرافة، وكانت الأصالة. فربط بينها من خلال أسلوب الاسترجاع على لسان الراوي أمين الذي عاد بذاكرته لحكايا الأجداد والجدات، فحملنا على جناح الخيال وحلّق بنا عاليا نحط على سحب الخرافات، فجعلنا نسعد تارة، ونتوه تارة.، فماذا يريد أن يقول الكاتب؟
الرواية تتحدث عن تاريخ فلسطين منذ العهد العثماني، مرورا بالانتداب البريطاني إلى زمن الاحتلال الإسرائيلي الذي نعيشه، ليبين أسباب الصراع الذي جعل من الشعب الفلسطيني ضحيّة للمؤامرات التي تكالبت عليه، فدفع ثمنها غاليا من الظلم والتهجير والتشريد عبر القرنين الماضيين.. ولا زال.
الكاتب يوثق التاريخ من زاوية مختلفة، بأسلوب غير تقليديّ.
فما سرّ المخطوطة التي ارتكزت عليها حبكة الرواية، وسهّلت على الراوي الدمج بين الماضي والحاضر بأسلوب أشبه ما يكون ب ” الأسطورة”؟ لماذا اهتمت الباحثة داليا بالمخطوطة؟ وما دلالات وجود مخطوطة تتحدث عن سيرة عائلة يعود نسبها لأحد الأولياء الصالحين ” الصامت”.
أراد الكاتب أن يرسّخ فكرة التمسك بالجذور، فمن ليس له ماض ليس له حاضر.
ولم يختر الكاتب أسماء شخوصة عبثا، إذ أجاد الاختيار، فكان هناك دلالة واضحة لكل اسم وفق الحقبة التّاريخية التي عاشها.
إذ كان لاسم الجد الأكبر الصامت – الوليّ الصالح- دلالات، وكان لاسم ابنه الجد ” بركات” دلالات، وكان لاسم الجد -الحفيد للصامت- “المنسيّ دلالات. دمج كل شخصية منها مع شخصيات تاريخية حقيقية، ليعلمنا الكاتب عن الحقبة الزمنية التى يتحدث عنها، لتظهر حقيقة الواقع الفلسطيني في كل فترة من الفترات الزمنية التي تناولها.
ولا زال للجد الأكبر “الصامت” تأثيرا على أحفاده، فهو الضمير الذي يزورهم في المنام، ويرشدهم إلى طريق الخلاص. فهو لم يمت بعد، لا زال حيّا في نفوسهم.
عكس الكاتب الواقع الفلسطيني المرير عبر أسماء شخوصه، دون حاجة منه ليتحدّث عنها أو الخوض فيها بشكل مباشر. فقد اعتمد الرّمزيّة عبر صفحات روايته، لتكون أقوى، وأكثر عمقا.
الرواية كُتبت بلغة جميلة، وتسلسل يتماشى مع أسلوب الاسترجاع الذي خدم الهدف من الرواية. إلا أنه جاء على حساب عنصر التشويق.
الرواية بمعلوماتها الغنيّة التي تتحدث عن تاريخ فلسطين عبر العصور، والتي تدل على ثقافة الكاتب الواسعة والمتنوعة وطنيا وسياسيا وشعبيا واجتماعيا تعتبر إضافة للمكتبة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى