يا سفينة نوحٍ

بقلم: سماح محمد

وددتُ لو أكبرَ لأُصبحَ شاعرةً ؛
ولكن عندما أخبرتُ أبي أن صدري مُتأجِجٌ بالقصائدِ ؛ أهالَ عليه التُرابَ مخافةَ أن أحترِقَ ،
فعُدتُ إلى أُمي باكيةً ؛
أرتدي الخيباتَ، أجذِبها من ثوبِها المُمتلئ بالعيونِ..
ربتَت على كتِفي، وقالت:
إنّ الشِعرَ لا يُدفنُ،
وإنّ حرائقَ الورقِ تثيرُ غريزةَ الرَمادِ،
والسجونُ تُشعرُكِ بمذاقِ الحُريّةِ..
اطحَني القمرَ على رفِ السماءِ،
واجتازي سياجَ العقلِ،
واخرُجي من جِلدِكِ الحَنطي ؛
اتركي جَسدَك بجواري،
وخُذي روحَكِ إلى دفاترٍ ذاتَ حِبرٍ أسودٍ،
اسكُبي قارورَةَ الحبرِ، واخلقي لوحةً سيرياليةً..

^^^
تلك المرأةُ يرتفعُ الموجُ في عينيها ؛
كُلما نظرَت إليّ تشيرُ إلى صدرِها وتقولُ:
أحمِلُكِ هُنا..
فأقولُ ضاحِكةً:
أعلَمُ ؛ يا سفينةَ نوحٍ

^^^
كانت ذاتَ يومٍ تحمِلُ حلمًا مِثلي تمامًا،
ولكنّها لَم تنجُ مِن الموتِ تحتَ أنقاضِ الحياةِ العنصريّةِ، ونجوتُ أنا؛
لأنها حَملَتني على سفينةِ نوحٍ ؛
التي رَسَت على يمِّ قلبِها..

^^^
تلك المرأةُ نزعَت شَوكةَ المُجتمعِ من ظَهري،
وساعَدَتني على الهروبِ بعيدًا ؛
باتِجاه أماني، وأمّنَتني أن أعودَ لأخبِرَها ؛
كيف يكونُ الحالُ بروحٍ خفيفةٍ،
لعلّ الحلمَ يرتِبُ لنا لقاءً على ذِمةِ الحياةِ ؛
كي نصطادَ معًا نيزكًا،
ونجلسُ سويًا نُلمِّعَ نجومَ السماءِ،
ونكنسَ غُبارَ الكواكِبِ،
لعلّنا نصبحُ فراشَتينِ؛
نطيرُ ونطيرُ ؛
ثمّ يجذِبُنا النورُ ؛
فنفتَحَ جناحيّنا ؛
ونموتُ…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى