زكاة الفطر وما يتعلق بها.. نظرة فقهية

د. يحيى عبد الله | أكاديمي من موريتانيا

ما هي زكاة الفطر اصطلاحا؟

صدقة تجب بالفطر من رمضان
ما هي حكمة مشروعيتها؟
حكمة مشروعية زكاة الفطر الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث . روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
ما هو الحكم الشرعي لها؟
1 جمهور الفقهاء إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم واستدل القائلون بالوجوب بما رواه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على كل حر، أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين. وبقوله صلى الله عليه وسلم: أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير، نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير وهو أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
2 من يرى سنيتها المالكية مقابل للمشهور: إنها سنة، واستبعده الدسوقي.

ما هي شروط وجوب أداء زكاة الفطر؟
أولا: الإسلام: وهذا عند جمهور الفقهاء.
وروي عن الشافعية في الأصح عندهم أنه يجب على الكافر أن يؤديها عن أقاربه المسلمين، وإنما كان الإسلام شرطا عند الجمهور؛ لأنها قربة من القرب، وطهرة للصائم من الرفث واللغو، والكافر ليس من أهلها إنما يعاقب على تركها في الآخرة ثانيا: الحرية عند جمهور الفقهاء خلافا للحنابلة؛ لأن العبد لا يملك، ومن لا يملك لا يملك
ثالثا: أن يكون قادرا على إخراج زكاة الفطر، وقد اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراجها: فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم اشتراط ملك النصاب في وجوب زكاة الفطر. وذهب الحنفية إلى أن معنى القدرة على إخراج صدقة الفطر أن يكون مالكا للنصاب الذي تجب فيه الزكاة من أي مال كان، سواء كان من الذهب أو الفضة، أو السوائم من الإبل والبقر والغنم، أو من عروض التجارة.
والنصاب الذي تجب فيه الزكاة من الفضة مائتا درهم فمن كان عنده هذا القدر فاضلا عن حوائجه الأصلية من مأكل وملبس ومسكن وسلاح وفرس، وجبت عليه زكاة الفطر.
وفي وجه آخر للحنفية إذا كان لا يملك نصابا تجوز الصدقة عليه. ولا يجتمع جواز الصدقة عليه مع وجوبها عليه
وقال المالكية: إذا كان قادرا على المقدار
قال الشافعية والحنابلة: إنها تجب على من عنده فضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه، ويشترط كونه فاضلا عن مسكن وخادم يحتاج إليه في الأصح .

واتفق جميع القائلين بعدم اشتراط ملك النصاب على أن المقدار الذي عنده إن كان محتاجا إليه لا تجب عليه زكاة الفطر، لأنه غير قادر.

من تؤدى عنه زكاة الفطر؟
1 مذهب الحنفية إلى أن زكاة الفطر يجب أن يؤديها عن نفسه من يملك نصابا، وعن كل من تلزمه نفقته، ويلي عليه ولاية كاملة. والمراد بالولاية أن ينفذ قوله على الغير شاء أو أبى، فابنه الصغير، وابنته الصغيرة، وابنه الكبير المجنون، كل أولئك له حق التصرف في مالهم بما يعود عليهم بالنفع شاءوا أو أبوا.
2 ذهب المالكية إلى أن زكاة الفطر يخرجها الشخص عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته. وهم الوالدان الفقيران، والأولاد الذكور الفقراء، والإناث الفقيرات، ما لم يدخل الزوج بهن. والزوجة والزوجات وإن كن ذوات مال، وزوجة والده الفقير.
3 ذهب الشافعية إلى أن صدقة الفطر يخرجها الشخص عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقته من المسلمين، لقرابة، أو زوجية، أو ملك.
4 ذهب الحنابلة إلى أنه يجب إخراج الصدقة عن نفسه، وعن كل من تجب عليه نفقته من المسلمين، فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ بنفسه، فزوجته، فأمه، فأبيه، ثم الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب الإرث.

ما وقت إخراجها؟
1 ذهب الحنفية إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد، وهو أحد قولين مصححين للمالكية.
2 ذهب الشافعية في الأظهر والحنابلة، إلى أن الوجوب هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أحد قولين للمالكية لقول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
3 اتفق جميع الفقهاء على أنها لا تسقط بخروج وقتها؛ لأنها وجبت في ذمته لمن هي له، وهم مستحقوها، فهي دين لهم لا يسقط إلا بالأداء؛ لأنها حق للعبد.

هل تخرج قبل الوقت؟
إخراجها قبل وقتها:
1 ذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يجوز تقديمها عن وقتها يومين لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين .
2 ذهب الشافعية إلى أنه يسن إخراجها قبل صلاة العيد ويكره تأخيرها عن الصلاة، ومحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر؛ لفوات المعنى المقصود، وهو إغناء الفقراء عن الطلب في يوم السرور.
3 عن أبي حنيفة أنه يجوز تقديمها عن وقتها سنة أو سنتين كالزكاة . وذهب بعض الحنفية إلى أنه يجوز تقديمها في رمضان فقط، وهو قول مصحح للحنفية.
ما هو مقدارها؟
1 اتفق الفقهاء على أن الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف التي يجوز إخراج الفطرة منها عدا القمح والزبيب، فقد اختلفوا في المقدار فيهما: فذهب المالكية والشافعية والحنابلة، إلى أن الواجب إخراجه في القمح هو صاع منه.
2 ذهب الحنفية إلى أن الواجب إخراجه من القمح نصف صاع، وكذا دقيق القمح وسويقه، أما الزبيب فروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجب نصف صاع كالبر، لأن الزبيب تزيد قيمته على قيمة القمح.
ما نوعيتها؟
1 ذهب الحنفية إلى أنه يجزئ إخراج زكاة الفطر القيمة من النقود وهو الأفضل، أو العروض، لكن إن أخرج من البر أو دقيقه أو سويقه أجزأه نصف صاع، وإن أخرج من الشعير أو التمر أو الزبيب فصاع.
2 ذهب المالكية، إلى أنه يخرج من غالب قوت البلد كالعدس والأرز، والفول والقمح والشعير والسلت والتمر والأقط والدخن
وما عدا ذلك لا يجزئ، إلا إذا اقتاته الناس وتركوا الأنواع السابقة، ولا يجوز الإخراج من غير الغالب، إلا إذا كان أفضل، بأن اقتات الناس الذرة فأخرج قمحا. وإذا أخرج من اللحم اعتبر الشبع.
3 ذهب الشافعية إلى أنه يخرج من جنس ما يجب فيه العشر، ولو وجدت أقوات فالواجب غالب قوت بلده، وقيل: من غالب قوته، وقيل: مخير بين الأقوات، ويجزئ الأعلى من الأدنى لا العكس.
4 ذهب الحنابلة إلى أنه يخرج من البر أو التمر أو الزبيب أو الشعير.
منهم مصرفوها؟
1 ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال، وينظر مصطلح: (زكاة) .
2 ذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين.
3 ذهب الشافعية إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية، أو من وجد منهم.

ما حكم دفعها قيمة؟
1 ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز دفع القيمة، لأنه لم يرد نص بذلك، ولأن القيمة في حقوق الناس لا تجوز إلا عن تراض منهم، وليس لصدقة الفطر مالك معين حتى يجوز رضاه أو إبراؤه.
2 ذهب الحنفية إلى أنه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر، بل هو أولى ليتيسر للفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد؛ لأنه قد لا يكون محتاجا إلى الحبوب بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب، يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية، هذا كله في حالة اليسر، ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق، أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير.
وهذا الرأي في زماننا أقرب إلى مقاصد الشرع وحكمته.

ةراجع: الموسوعة الفقهية الكويتية، ج23، حرف الزاء، ص:335- 344.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى