عن أحلام مستغانمي

د. خضر محجز | غزة – فلسطين

ذات مرة دافعت عن أحلام مستغانمي في وجه مقالة كتبها الشاعر الصديق أحمد دحبور. يومها كتب دحبور ما كتبه من منطلق رفضه لبعض انتقاداتها للسلطة الوطنية.

قلت يومها لأحمد كلاما محصلته أن نقده لم يكن أدبيا، بل سياسيا، كما استنكرت يومها من الصديق الشاعر، أنه تحول في رده على أحلام إلى ناقد أخلاقي يكيل التهم جزافا، لامرأة انتقدت سلطته، مع أنه لم يكن قبل ذلك من الذين يزنون الأدب بميزان الأخلاق. فإذا كان ذلك كذلك، فقد كان على شاعرنا أن يتعامل مع أحلام وفق واحد من خيارين: فإما أن يرد عليها سياسيا، دون أن يتطرق إلى أخلاقها، وإما أن يحلل نصوصها جمالياً كما يليق بالنقد الأدبي. وفي كل الحالات يجب الامتناع عن التطرق إلى شخصية امرأة بسبب من موقفها السياسي.

الآن أنتهز الفرصة للكلام على نصوص أحلام، بعد إذ كنت قد أوجزت ذات منشور، فأقول:

الكتابة الروائية لا قيمة لها، إذا لم تكن شخوصها مفعمة بالحياة، في حبها وكرهها ومللها وسموها وتساميها..

الأشخاص في الرواية يجب أن يكونوا مقنعين، فإذا لم تتمكن من رسم شخصيات يستطيع قارئها أن يقسم أنها حقيقية، فلا تكتب.

الحوادث في الرواية يجب أن تكون حقيقية ــ أي أقرب إلى الإقناع ــ فلا ينفرد عاشق بمعشوقته، في غرفة، ثم يبدآن في بحث موضوعات دنيوية تؤول إلى نقد الواقع، أو تحليل التاريخ.

العاشق في الرواية يملأ صفحات النص بوحا جميلا، وألما كاوياً، ويأساً حارقاً، وأملا أجمل من رياض الجنة. والمعشوقة في نظره هي مثال الجمال والحب والإخلاص.

لا مكان في الرواية لعاشق متمهل، ولا لمحارب متردد، ولا لتاجر صادق، ولا لحاكم صالح، ولا لوطن كامل، ولا لعدو ضعيف، ولا لبطل جبار..

لا مكان في الرواية لمن يقف متلصصا من وراء ثقب الباب، فيبدأ في وصف مشهد الحب، ثم يتوقف عند اللحظة الحاسمة، لا يتجاوزها، معللا عجزه بأن ثقب المفتاح لم يتسع له لرؤية ما يدور في أركان الغرفة الحمراء ــ كما تفعل أحلام مستغانمي ـ خوفا من التقاليد، أو الاتهام..

في الكتابة الإبداعية، كما في النقد السياسي ــ إذا كنت غير واثق من قدرتك على القول، فلا تقل. فالقارئ أذكى من أن لا يستطيع تحليل دوافعك.

لدى أحلام مستغانمي رغبة شديدة في البوح، تشي بها عناوينها الساخنة، لكن الرقيب الأخلاقي بداخلها يقمعها.

ليس هناك في نصوص أحلام سوى عناوينها.

ليس هناك أسوأ في الكتابة من الرقيب الداخلي.

إن أخلاق الرواية فقط هي صدقها في التصوير.

وأحلام لم تستطع ذلك للأسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى