كفوا أيديكم عن شيرين عبد الوهاب.. امرأة وقعت في محنة الحب

عبد الصبور بدر

حين تعنّف الأم طفلتها، فإن الصغيرة تريد أن تنتقم فتعنف دميتها، وهذا ما فعلته ستات السوشيال ميديا ورجالها مع شيرين عبد الوهاب، كل منهم لديه مشاكل وعقد مع شريك حياته، ويريد أن تحلها له شيرين!

شيرين ليست أنا، وشيرين ليست أنت، شيرين لديها شخصية تخصها وحدها، وهي حرة تماما في حياتها، تفعل ما يحلو لها، تغضب وتشتكي من زوجها لطوب الأرض، وتقرر ألا تعود له أبدا، ثم تشتاق إليه وتتراجع، وتعود إليه في لحظة، ولديها أيضا الحرية أن تكرر الأمر ألف مرة!

من حقك أن تتعاطف مع شيرين أو لا تتعاطف معها وتسقطها من حساباتك، لكن ليس من حقك أبدا أن تتعامل معها على أنها أنت، ويجب أن تتصرف وفق طبيعتك، وإذا لم تفعل تلعنها في كل بوست، وتسخر منها على كل جروب، ,وتكون مستعدا لتجريسها على الملأ، وتشتري لها حمارا وتجلسها عليه عارية بالمقلوب وتجوب بها أحياء القاهرة ليقذفها الحمقى بالطوب.

” الحب طفل بوهيمى، لا يعرف أبداً قانوناً ، إذا لم تحبنى فأنا أحبك، و إذا أحببتك فالويل لك ” هكذا يقول لنا بروسبير ميريميه في روايته “كارمن”، يريد أن يخبرنا ببساطة أن الأمور في العواطف لا تعتمد أبدا على العقل، بل على هذا الطفل الذي هو القلب، والقلب يحتكم لقانون مختل، لأنه طفل يجوع في لحظة ويريد أن يأكل الآن!

الشاعر كامل الشناوي – وما أدراك ما كامل الشناوي- بكل ما يحمله من ثقافة وما قرأه من كتب، وما تولاه من أرفع المناصب الصحفية، وما يمتلكه من عقل راجح، وقع في حب مطربة صغيرة، لعبت به الكرة، شاهدها في أحضان غريمه، وكتب قصيدة تُبكي الحجر، ضحكت حين سمعتها منه وهي تقول له “تنفع أغنيها”، وغنتها بالفعل لتتحول من مجرمة إلى ضحية، ومع ذلك لم يستطع أن ينتزع حبها من قلبه، وعاد إليها صاغرا، وكأنه عبد مسلوب الحرية أمام معبودته التي تمتلك أنفاسه.

غرام الست أم كلثوم حول محمد القصبجي الفنان الذي سجل اسمه في تاريخ الموسيقى العربية كأمهر عازف للعود، وأحد المجدّدين الأوائل في الغناء العربي، إلى مشروع قاتل، يمسك مسدسا، ويجري نحو محمود الشريف ليطلق النار على رأسه بعد أن علم أنه سوف يتزوجها.

نظرة واحدة من عيون أم كلثوم كانت كفيلة بأن تجعل يده ترتعش، ليسقط السلاح على الأرض، ونظرة أخرى منها إلى الشريف أقنعته أن يتنازل عن المحضر الذي وقّعه في قسم الشرطة وهو يتهم القصبجي بالقتل العمد!.

لم يجلس القصبجي على كرسي متحرك في نهاية حياته، إلا أن الكثيرين اعتبروه فنانا قعيدا لا يستطيع الوقوف على قدميه مجددا، ومغادرة مكانه خلف أم كلثوم، وهو يحتض نفسه بكل حواسه متخذا وضع الجنين حول العود، وكأنه يحتمي بصوتها.

إنه جبروت الحب في كل زمان ومكان، ذلك الحب الذي تتعمد ستات السوشيال ميديا ورجالها تعليبه تحت مسميات الكرامة، والكبرياء، وعزة النفس، بينما الحب “هو هذه الكف التي تغتالنا ونُقَبِّلُ الكَفَّ التي تَغْتالُ” كما يقول لنا نزار قباني.

كفوا أيديكم عن شيرين عبد الوهاب، إنها امرأة وقعت في محنة الحب، ولا يمكنها إلا الركض خلف قلبها، لا تدري إلى أين هي ذاهبة، ولن تسأل إلى أين ولا ماذا يفعل بها، المهم أنها معه، وهذا كل ما يرضيها ويطمأنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى