أدب

أشعر بالبرد

إلى روح الشهيد الشاب الجزائري نائل مرزوق

حميد عقبي | باريس

(إلى روح الشهيد الشاب الجزائري نائل مرزوق)
تسبح الرصاصة في عروقي
تتجول وتخالف إشارات المرور
قلت لصديقي
أشعر بالبرد
أريد تقبيل صدر أمي
أن أعود إليه
ذلك الطفل الذي لا يتقن حروف الهجاء
أركض
أهتف في أذن جدتي
حلوى… حلوى
فمي مر
قولوا لأمي إن قميصي لم يتمزق
فقط حبات مطر تنسكب في قلبي… نعم الآن
لا ينسكب الدم
لم يوسخ قميصي
فقط سمعت ضجيج تلك الطلقة
من مسافة قصيرة
لكنها أخذت زمنا أطول
لم أر جيدا وجه الصياد
أشفقت على ذلك الغزال وتلك الحمامة
لم يكن بوسعي فعل شيء
هل أصرخ لتطير الحمامة
أم أركض؟
أحب بخطوات ثقيلة
ثمة صفير لقطار مغادر
ماذا بوسعي أن أتذكر؟
طائرتي الورقية لم أكمل تلوينها
ذلك القارب المصنوع من النحاس
لن يقوى على التجديف
كرتي المدببة على الرف الأيمن
وأصدقائي، ينتظرون
يحكون مغامراتهم اللطيفة
تجاربهم الأولى في القبلة الأولى
الرعشة الأولى
الصورة الأولى مع الحبيبة
الصمت الأول عند التشابك الأول للأصابع
تسبح الرصاصة في شراييني
بحركة بطيئة
ترعد السماء في الأعلى
تخبر الله أن يسوع يحب أمه
تشعل العذراء شمعة
لعل الملائكة تنتبه لما يحدث
يبتسم يسوع والرصاصة تسبح في دمه
وقاربي النحاسي يطفو ولا يغرق
تطوف طائرتي الورقية
زخات المطر
تهزم الصياد
تنقذ الغزال والحمامة
في هذه اللحظة المرتبكة
ربما نسيتني
ربما لأني لم أنادها
ناديت أمي وجدتي وأصدقائي
أتسلق الآن النخلة
وأنثر على رأس مريم القليل من الرطب
أرمي إلى يوسف في جبة الظلمات بعضها
يونس وعزير و… و…
يريدون بعض الحبات
ليتها تمطر
تغسل وجهي من الكدمات
ترتعش يدي
لا أعرف كيف أزيل بقعة الدم الصغيرة
تنتظرني الحبيبة
يعجبها أن أكون بالقميص الأبيض
بكامل أناقتي
بوجه خال من الكدمات
بقلب غير مثقب
وقميص مكوي
بيدي ساعة تتقن حساب اللحظات
تنتظر قصيدة حب
و قبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى