على الطَّاولة

حميد عقبي | مخرج سينمائي وشاعر يمني – باريس

ليست لي أمنيات كثيرة
لدي ما يكفي من تبغٍ وخمرٍ
وقليلٍ من الخبزٍ الأسمرِ
قطعة من جبنةٍ غير مالحة
ملعقة،  كأس،  منفضة سجائر
على الطّاولة
سأضعُ كل هذه الأشياء
لن أنتظرَكَ
هاتفي المعاق لن يتحرّكَ من مكانِهِ،
ككلِّ ليلةٍ
تشتعلُ الأمكنةُ البعيدةُ في ذاكرتي.
لم نوثّقْ كل ما حدثَ في صورٍ
لا أملكُ صورةً واحدةً لكِ
لم أكُنْ رسّاماً
لم نكُنْ نتراسلُ ونشتري طوابعَ البريدِ
لم تكُن عاداتُنا كعاداتِ عشَّاقِ الرِّواياتِ

ثمَّ جاءَتِ الحربُ
البحرُ مصابٌ بصداعٍ
موجٌ بلا أرجل
شواطئ لا تشيرُ بأذرعها
النّخيلُ لم يتزاوجْ منذُ سنواتٍ
تكبرُ شجرةُ اليقطينِ بغصونٍ مبتورةٍ عرجاء
تتَّجهُ إلى الجبلِ غير آبهة بالإستغاثاتِ
وأنا أنظرُ لقنينةِ النَّبيذِ
قطراتٌ تقعُ على ورقةٍ بيضاء
لم أكتبْ شيئاً مهما يستحقُّ القراءةَ
فقط بعض الهذيان
تزدحمُ أحلامي عندَ مدخلِ قطارٍ مغادرٍ
سيأخذ كلّ الأحلامِ المكتئبةِ
لنزهةٍ إلى بلادِ الأقزامِ السّبعة
في الممرّاتِ الضّيقةِ
الضّفّةُ الثّانية
مرايا هرمة
لونُها لا يُشبهُ الماءَ
تلتهمُ كلَّ شيءٍ
أتامَّلُ
النَّدى المذعور
يحاولُ القفزُ بين الشّقوقِ
أريدُ تدوينَ المشهدَ
قصيدةٌ في رأسي
على الطّاولة
دفترٌ من رملٍ ممزّقٍ
وفنجانٍ من سرابٍ ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى