انشطار

عبد الغني المخلافي | اليمن
ذهبت إلى مدينتي بعد عامين من زيارتي الأخيرة لها، وأنا ألعن الحرب وتجارها و المساهمين في إطالة عمرها ومضاعفة مأساة السكان المشطورين بين أطراف الصراع.

لا أدري من أين أبدأ وإلى أين أنتهي؟
فيما مضى كنت أقطع الطريق نحوها بثلث ساعة وأحياناً بأقل من ذلك وبأجرة زهيدة واليوم يحتاج الذاهب إليها إلى ست ساعات من الوقت عبر طريق جبلي خطر وبمبلغ باهظ ناهيك عن مصاريف إقامته . فأنت ذاهب بعد فترة طويلة وستزور أقاربك وأهلك فيها .

ثمة من يموت قريبه داخلها ولا يستطيع توديعه وتشييعه وكذلك هناك من يموت خارجها ويتعذر خروج وحضور أقاربه في جنازته. ولا ندري إلى متى دوام هذه المعاناة.

هناك مستفيدين بالطبع من هذه الأوضاع ولا يريدون لها أن تنتهي والكل يدرك ذلك، سواء من المتنفذين داخلها أو خارجها ولا يمكن أن نجد شفقة أو التفاتة منهم إلى المواطن المسحوق، فهم مجرد أدوات تنفذ أجندة بالأجر ولا يمكنهم الشعور بالمسؤولية و تأنيب الضمير حيال تلك المآسي، مادامت جيوبهم عامرة ومناصبهم قائمة فليذهب الشعب إلى الجحيم.

نحن أمام كارثة إنسانية عظيمة، ولا ندري كيف الخلاص من براثنها و على يد من سيكون خلاصنا . نتضرع إلى الله ولا استجابة لدعواتنا. فالكل في إحباط وشعور بعدم الانفراج والخروج من هذا الجحيم. لم يعد هناك من يصرخ أو يحتج فالشعب خانع وصامت تحت نير العذاب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى