ما كَانَ ولَمْ يكُن

محمد خَلَّاد السكتاوي | المغرب

يسألني صديقي :
لماذا يضيق العالم في عينيك
وتتسع بني خلاد ؟
وحَتَّام تظل تبحث فيها
عن بَتَلاتِ الروح
تاركا خلفك ألف ليلة وليلة

كان صامتا يسمعْني
حينما تهَدَّجَ صدى الضياعِ في صوْتي :
لم نعبر النهر ياصديقي
فأجدادنا لم يبنوا جسراً
وعلمونا أن نحرق السفن
أضعنا الطريق
منذ أن فقدنا هوية الميلاد
وها قد أوشكت الشمس
أن تزيح هالتها عن الأفق،
وما بنينا جسرا للعبور.

لما اجتاحنا الطُّوفان
لم يبق لنا
غير بني خلاد العاشقة القروية
آخر قشة نتمسك بها
قد تكون حتى ولو أثقلها الفقر
بيتا سمع صرختنا الأولى
أو نهرا تحممنا فيه
لما كانت نافورة الفسَقِيَّة
فاغرة فاهَ تُقَرْقر بدون ماء

قد تكون غيمة تعلَّقنا بها صغارا
ننسج الفرحَ بخيوطِ المطر
أو زقاقا ضيقا في مدينة عتيقة
نلوذ بظِلّه في حرِّ الصيف
أو حلما رفرف مع الضوء في ليالينا
وانتزعه الزمن القاسي
من عيوننا
أو محراب حبّ عاصف
ظل سرا في القلب

أو ربما كانت نجمةً
متلألئة في ليلة القدر
رأينا فيها الله
مبتسما يُطِلّ من شرفته
أو طائراً حنَّ علينا
فأعطانا أجنحته
لكننا لم نستطع أن نطير

هذه بني خلاد وَطَن الغرباء
تعبرني وأعبرها
تعشقني وأعشقها
تَلَّة خضراء على نهر اللوكوس
تُربِّي اليمام في حقل زيتون
أسْرجت قناديلها في عالم
لم نرهُ يوما
وما كان ولَمْ يكن
وقد لايكون أبدا
—————-
° بني خلاد قرية بجبال الريف شمال المغرب

° الصورة المرفقة لبني خلاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى