أحد عشر كوكبا.. خواطر في التاريخ والفن والسياسة والإبداع

د. خضر محجز | فلسطين

في التاريخ

المتمعن في تاريخ الدولة الإسلامية منذ الأمويين، حتى نهاية الدولة العثمانية، يلاحظ أن الدولة الإسلامية ــ كدولة أخلاقية ــ ظلت متوقفة عن الحضور، إلا في استثناءات قليلة، وعصور قصيرة:

فالثروة القومية ملك للحاكم وأنصاره.

وتجارة العبيد تتوسع.

واحتقار المرأة، إلى درجة اعتبارها وسيلة متعة تُشترىٰ من السوق، على أشدها.

ومعاملة أهل البلاد الأصليين تتدنىٰ.

والوصول إلى السلطة لا يكون إلا بالسيف.

وملاحقة المعارضين بالاغتيال والقتل البشع لا تملأ مساحة الدولة فحسب، بل تتعداها إلى كل تخوم الأرض.

أما الحاكم الذي قفز إلى السلطة بقوة القتل، فإلٰهٌ في الأرض، يطوّع كهنة الدين ونصوصَه لضمان ديمومة الاستبداد.

في الجزية

تأملوا يا أصدقائي، وسائلوا أنفسكم:

هل نستطيع مناقشة أي من هؤلاء الربانيين عن مصدر ثروته؟

هل نرى من تصرفاتهم ما يشي بحقيقة نظرتهم إلينا، كمصدر لتحقيق متعتهم الخاصة؟

هل ندفع جزية كما كان يدفع أهل البلاد المغلوبون؟

والنتيجة أننا نعيد تجريب ما تم تجريبه في السابق!

فلو كنا مواطنين حقاً، في دولة عادلة حقاً، أفما كان من حقنا أن نطالب الحكام الذين سرقوا ثرواتنا، بأن ينفقوا على منتسبي حزبهم من مال الله الذي سرقوه، بدلاً من إرهاقنا بجزية تخصي رجولتنا، وترهق أطفالنا؟

وهل يمكن القول بأن أطفال الحاكم يشتهون الفواكه كما يفعل أطفالنا؟

رعب

أي إلٰه هذا الحاكم الذي نخشى من مجرد ذكر اسمه، بل ولا حتى الإشارة إلى أقاربه الذين يملأون الأرض قحة، بهذه الثروات التي تسخر من ديننا وشرفنا ورجولتنا؟

لقد رأينا من غير أهل الدين من الحكام، من يملأ الأرض فساداً، لكنه لم يجرؤ على تلويث دين الله، كما فعل هؤلاء الربانيون الأحبار، والفريسيون الناهبون لأموال المساعدات.

ثم يعجب البسطاء منا لم لا نريد الدولة الإسلامية؟

اعتراض

يعترض بعض المتضررين من مقالاتي على نشري لها في (الحوار المتمدن)، محتجين بأنه منبر يساري شيطاني.

كما كانوا يعترضون على نشري لها في (فلسطين برس)، باعتباره موقعا ينطق باسم (السلطة الفاسدة).

ثم يعترضون حين يرون مقالا لي منشورا في (أمد)، باعتباره موقعا دحلانيا (أنجس من ذيل الكلب).

ثم يعيبون علي أن أنشر في الفيس بوك، زاعمين أنه ليس منبراً، بل مجرد صفحة اجتماعية لكل من هب ودب.

فإذا طلبت منهم أن ينشروا مادتي في صحفهم رفضوا ذلك، باعتبارها مخالفة لقواعد النشر.

يبدو أن هذه هي حرية النشر كما يراها المتضررون.

التزام

يبدو أن الحزب والفن لا يجتمعان.

فلا يواصل فنان التزامه الحزبي، إلا كان ذلك على حساب الفن: فلو واصل كونه فنانا، لما استطاع طاعة القوانين الحزبية.

تاريخ كبار المبدعين في العالم يقول ذلك.

الفن والحزب

الإبداع انتهاك للقوانين. والحزب طاعة لها وانضباط بنصوصها..

لذا فليس جميلا، ولا مقبولا، ولا مشرفاًـ بل وليس ممكناً كذلك ـ أن يتلقى فنان تعليماته من مسؤول حزبي، إلا إذا توقف عن كونه فناناً.

ائتوني بفنان عظيم واصل انضباطه الحزبي.

في الأكاديمية

في بلادنا العربية لا قيمة للشهادة، إلا لسوق العمل، أو لرفع خسيسة الجهلة.

فدكاترة الشريعة لا يرتفعون إلى أخمص قدمي شخص كالشعراوي لم يحز شهادة الدكتوراه.

ودكاترة الأدب لا يحلمون بأقل من عبادة محمود درويش الذي لم يحصل الثانوية العامة.

ودكاترة العلوم السياسية يقبعون تحت حذاء زعماء الأحزاب.

بل حتى الطالب الذي تخرج بمعدل تسعين بالمائة فما فوق، تجده فعل ذلك بمساعدة من خارج الدراسة.

المبدعون لا يحتاجون إلى شهادات، بل إلى رعاية المجتمع.

الجيش المصري والإخوان

طوال عهد مبارك، كان ثمة تحالف من نوع ما، بين الحكم والإخوان المسلمين، الذين كانوا مؤسسة منظمة قوية، تؤيد التوريث.

أما المؤسسة القوية الأخرى، فكانت الجيش الذي يعارض التوريث.

من هذا المبدأ انحاز الجيش إلى الثورة. وبسبب هذا المبدأ عارض الإخوان الثورة في البداية، قبل أن يكتشفوا قوتها، فيحاولوا امتطاءها حمارا يوصلهم إلى السلطة، متفردين هذه المرة.

هذه هي حقيقة الصراع بين الجيش والإخوان. وهذا هو سبب رغبة مرسي في جر الجيش إلى صراع في سيناء، بعيداً عن مركز السلطة.

بعض فوائد الكفار

يبدو أن التنظيم الديني الوحيد، الذي استفاد من نفي قادته إلى فرنسا، كان حزب النهضة التونسي.

عاشت باريس مدينة النور، ومعلمة الحريات.

دعونا ننتظر

منذ استشهاد عبد الناصر، لم يعد رئيس مصر زعيما للعرب.

منذ وفاة السادات، لم يعد رئيس مصر رئيساً للمصريين.

منذ سقوط مبارك، لم يعد رئيس مصر رئيساً لأحد.

منذ سقوط مرسي، عاد رئيس مصر رئيساً للمصريين، مع وعد بأن يكون زعيماً للعرب.

دعونا ننتظر.

فتح وحماس

يبدو لي الصراع بين فتح وحماس:

1ــ صراعاً بين الحق المنقوص المحتمل، والحق الكامل المستحيل.

2ــ صراعاً بين دولة ترى مهمتها حمل الناس على الذهاب إلى الآخرة؛ ودولة ترى مهمتها حماية حقوق الناس في الدنيا.

3ــ صراعاً بين دولة تعتقد أنها مفوضة من السماء لحكم الأرض؛ ودولة ترى أن السماء ليست من مهمات الحكومة.

4ــ صراعاً بين رجال يرون أن من حقهم سرقة أموالنا، طالما لم يتمكن القانون من القبض على رقابهم؛ ورجال يرون أن أموالنا حقهم الخالص، الذي لا يسمح للقانون بأن يسائله.

أما اليسار فيحاول أن يوجد له موطئ قدم وسطاً، بين الجبارين، فلا ينجح؛ لا لأنه فاشل، بل لأن الظل الأسود للمتصارعين، يملأ الحلبة، ولا يترك مكاناً لغيرهما، حتى ولا للشعب، الذي يرى اليسار أنه يمثله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى