حوار

راهبة النقد العربي الدكتورة نادية هناوي في حوار مع الشاعرة والصحفية نادية الدليمي

بغداد| عالم الثقافة

* إنَّنا واقعون في أزمة ثقافية ولا وجود للمثقف الشمولي بيننا اليوم

* قصيدة النثر هي الجنس الشعري الوحيد القادر على العبور على جنسي العمود والتفعيلة

* تجربتي النقدية دلتني على نظريات ومنهجيات أفادتني في توطيد اشتغالي معرفياً وإجرائياً

*تستهويني النصوص التجريبية كما تجذبني النصوص المغايرة التي فيها جدة وقوة

* اكتساب الجديد من النقد الغربي أمرٌ لا مناص منه في راهننا النقدي

الدكتورة نادية هناوي راهبة النقد العربي، اسم مهم ورائد في المشهد النقدي العراقي والعربي فقد أسست لمشروعها النقدي بثبات وإقدام منطلقةً من إيمانها بالجمال وقناعتها بأنَّ الصدق هو مفتاح التميز والإبداع، ومضت بخطوات واثقة لتثبت أن النقدية العراقية تقف في المقدمة عربياً، حصلت على الأستاذية عام ٢٠١٢ وحازت العديد من الجوائز المهمة عبر مسيرتها الدراسية والبحثية منها درع الجامعة المستنصرية كأفضل تدريسية لعام ٢٠١٣، وجائزة نازك الملائكة في النقد النسوي عام ٢٠١٤، وجائزة الجامعة المستنصرية للعلوم والآداب عام ٢٠١٨، كما تم اختيارها عضواً في المجلس الاستشاري في جامعة اسطنبول، ألفت العديد من الكتب في النقد وشاركت في أهم المؤتمرات العلمية في الجامعات داخل العراق وخارجه، ترى أنَّ النقد عملية فكرية بغيتها التغيير المجتمعي والإصلاح الفكري وعدم الاستكانة للواقع، وأنَّ للناقد دوراً فاعلاً في التوجه الإنساني وإشاعة الوعي الجمالي.

وللاطلاع على رؤيتها الفكرية لبعض القضايا النقدية والأدبية كان لنا معها هذا الحوار :

* الكتابة، البحث، التقصي، التحليل؛ هل كانت الوسيلة للوصول إلى غاية ما لديك ، أم كانت هي الغاية؟
ـ لا أفكر عند كتابة أية دراسة أو مقالة بأية دوافع سوى دافع البحث عما يضيف إلى المعرفة جديدا. وهذه الغاية وليدة في داخلي منذ أن وضعت خطواتي على أعتاب البحث العلمي فكان هو نهجي في كل ما يتراءى لي من إشكاليات، وما يعن لي من أفكار هي بمثابة تحديات تجعلني أخوض غمار البحث فيها. ولهذا تنوعت تجربتي في التأليف النقدي ويمكنني أن أقسِّمها إلى مراحل، ففي المرحلة الأولى كنت أصوغ أفكاري في شكل نظري وأدعمه برؤى تطبيقية كما في كتبي ( القارىء في الخطاب النقدي العربي) و( تعدد القراءات الشعرية في النقد القديم ) و( السرد النسائي القصير) ثم أخذت في المرحلة الثانية أتجه نحو التخصص النظري في كتبي ( منازع التجريب السردي) و( ما بعد النقد ) و( تمظهرات النقد الثقافي ) و( الجسدنة بين المحو والخط) و(جموح النص وفروسية الناقد شجاع مسلم العاني في مضامير النقد) و( مرأى وشرفة دراسات في النقد الروائي) و(رؤى نقدية الشعر من بنية التحليل إلى بنى التأويل) و(أميرة الرهان دراسات نقدية وجمالية في قصيدة النثر الراهنة في العراق) وفي المرحلة الثالثة أخذت توجهاتي تنماز بالاهتمام الاجناسي بالنظرية الادبية كما في كتبي(موسوعة السرد العربي معاينات نقدية ومراجعات تاريخية) وفي المرحلة الرابعة اتجهت نحو التنظير في الفكر النقدي كما في كتابيّ (السرد القابض على التاريخ ) و(نحو نظرية عابرة للاجناس) و(علم السرد ما بعد الكلاسيكي) بأجزائه الثلاثة.


* ما نوع النص الذي يحفزك على القراءة، هل يحدد لك موضوع الدراسة النصوص التي تدخل في إطار النقد، أم العكس؟
ـ عادة ما تستهويني النصوص التجريبية كما تجذبني النصوص المغايرة التي فيها جدة وقوة، ولكن ذلك لا يعني أني أهمل النصوص المعتادة مهما تفاوتت درجة الاعتياد فيها فهي ضرورية كي أكون في صورة ما أبحث فيه وما أحاول كشفه. ويصدف أن أقضي وقتاً وجهداً أحاول أن أجد هذا الذي أبحث عنه، فأجده حيناً وأحياناً كثيرة لا أجده. وهذا أمر طبيعي في ظل نتاج أدبي صفته أنه كمي. وحول الشق الثاني من السؤال أقول: ما من نية سابقة في انتقاء منهج نقدي دون آخر إطلاقاً، إنما هي احترافية الناقد في اكتناه أغوار النص المقروء وكشف تجلياته برؤية علمية ومعاينة فكرية بحيث يكون النص الأدبي هو المفتاح الذي به يهتدي الناقد إلى المنهج الملائم الذي يتماشى وحيثيات النص الذي قرأه وممكناته وسماته. فقد يكون النص قابلاً لأن يطبق عليه أكثر من منهج، وذلك تبعاً لقوته الأسلوبية وغناه الفني وثرائه الجمالي. وبالطبع هذا لا يتقاطع مع أن يكون الناقد معروفاً بمنهج محدد.


* الشعر والسرد، أيهما الأقوى وجوداً حالياً، ما هي العوامل التي تفرض هيمنة شكل معين من المنتج الأدبي وتسيده على الأشكال الأخرى في زمن معين؟
ـ لا مفاضلة بين الفنون الأدبية على اختلاف أشكالها وأنواعها وأجناسها ولكن التفاوت فيما بينها هو في حضورها على ساحة المشهد الأدبي والنقدي. وهذا ما يجعلنا نتصور أنَّ الأمر مرهون بقوة جنس أدبي على آخر. وما أراه هو أنَّ قوة القصيدة ليست في كثرة كتابتها ولا بعدد الذين يكتبونها، بل هي في وجود نماذج تعكس قوة الشعر. والأمر نفسه ينطبق على الرواية والقصة القصيرة. وهذا واحد من العوامل التي تجعل الرواية مهيمنة، وهناك عوامل أخرى منها الاهتمام الإعلامي بالرواية وتقع ضمن هذا الاهتمام المسابقات والجوائز المغرية مادياً، وكذلك استسهال النقد الروائي من قبل الطارئين عليه حتى أن مفرداته أصبحت كليشيهات جاهزة يكررها هؤلاء الطارئون فتنتفخ بها أوداجهم وأوداج من يكتبون عنهم، وكأنَّ العملية تطامنية أو تساومية. ومن العوامل أيضاً استسهال الكتابة الروائية وكثرة دور الطبع ذات النزعة التجارية ..الخ.


* ما أسباب تراجع دور المثقف والأديب في تبني قضايا مجتمعه ومحيطه والتزامه الحياد وعدم المجازفة بإعلان موقفه؟
ـ أعتقد أن أهم أسباب التراجع تتمثل في اختيار الأديب طريق التطامن متقاعداً عن تحمل أعبائه في التنوير وغرس الوعي والتثوير. وها هي الثقافة اليوم مجرد استعراضات أو ديكورات لا يتجاوز الأثر الذي تتركه حدود الإعلام اليومي. ومن الأسباب أيضاً أن الروح الصداقية حاضرة بين المثقف والسياسي، ومن ثم يكون خنوع المثقف والأديب أمراً طبيعياً فما من اعتراض أو تمرد ، بل كل شيء يبدو ناعماً سلساً. والمحصلة أنَّنا واقعون في أزمة ثقافية، إذ لا وجود للمثقف الشمولي بيننا اليوم كما لا وجود لتجمعات أو كيانات تحمل رؤىً خلاقةً وفكراً طموحاً على شاكلة جماعة الفن الحديث في العراق مثلاً . وعلى طول صراعاتنا التي شهدها تاريخنا المعاصر، كان المثقفون في أتون هذه الصراعات جنباً إلى جنب الجماهير المظلومة بكل فئاتها الاجتماعية والسياسية في ما تخوضه من نضال ضد قوى الظلم دفاعاً عن قضايا ها، ومن أجل أهدافها القريبة والبعيدة لكن هذا كله غاب عن راهننا الثقافي للأسف.
* يتهم النقد أحياناً إنْ لم نقل غالباً بالمجاملة وتبادل المنافع وتلميع بعض الأسماء، فما هي المعايير التي تجنب الناقد الوقوع في فخ المحاباة ومجاراة الرأي السائد؟
ـ إنَّ ما يمر به نقدنا الراهن من تحديات تتطلب من الناقد استيعاباً حقيقياً لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو يرصد الواقع الأدبي بحزم وثبات فلا يهادن ولا يساوم. وما استسهال الكتابة النقدية وقلة الاكتراث بالجدة العلمية والتهاون في كيل الأوصاف ومنح الألقاب سوى تعطيل للعقل النقدي الذي ينبغي أن يبقى حراً ومنتجاً. وتظل المتغيرات وحدها قادرة على تحفيز الناقد كي يطور أدواته ويعمق معارفه بتصميم حقيقي يماشي تلك المتغيرات. وليس للناقد أن يمارس عمله؛ إلا بعد أن يكون قد هضم منهجيات التحليل وعرف طرائقه ووقف على مفاهيم النقد ومصطلحاته ومناهجه مع ضرورة المواكبة للمتغيرات الفكرية التي تطرأ على عالم النقد بين الفينة والأخرى، وأن لا يجازف في تطبيق منهج لم يستوعب آلياته ولا عرف متاهاته بشكل كاف؛ وإلا فإنَّ الخلط واللبس سيعتري عمله، وسيفضي به إلى ما نسميه بالعماء النقدي بتعبير بول دي مان.


* عدم تقبل النقد والهجوم على النقاد بوصفهم أعداء للفن؛ ألا يضعف موقف الناقد ويربك الخطاب النقدي؟
ـ لا أكترث لهؤلاء ولا أعيرهم بالاً، لأنهم ليسوا من الأدب في شيء، وأمضي واثقة نحو ميدان تخصصي حريصةً على أن أجدد في مجالات النقد الأدبي. وأهم مرتكزات هذا التجديد هو الاستجلاء الفكري نظراً وتأملاً إلى جانب الاستغراق في النص الأدبي سطحاً وعمقاً. وبالشكل الذي يمكِّن من فهم البواطن ويسهِّل معرفة المخفيات مع المواكبة المستمرة لكل ما هو مستجد في عالم النقد من نظريات ومدارس وفرضيات، لا بقصد تجريبها فقط وإنَّما اختبارها أيضاً . فإذا اثبتت نجاعتها في بلورة تصور نقدي يلائم تجاربنا الإبداعية وتوجهاتنا الثقافية أخذنا بها وتبنيناها، وإنْ عجزت ولم تنفعنا في أداء مهامنا سعينا إلى اجتراح ما نراه بديلاً عنها ويناسب نتاجاتنا، ولعلنا نقدم للنقد العالمي إضافة نوعية سواء على مستوى النظرية والتفكير المنهجي أو الاصطلاح والمفاهمة أو العمل والممارسة.
* تيارات النقد الموجودة حالياً قائمة معظمها على الموروث النقدي، فهل ظهرت برأيك حركة تجديد في النقد تواكب حركة تطور المنتج الأدبي وتوازي غزارته ؟
ـ اكتساب الجديد من النقد الغربي أمرٌ لا مناص منه في راهننا النقدي، لكن ذلك ينبغي أن يكون مصحوبا بالتمحيص والاختبار والارتقاء محاورةً ومحاججةً وتدقيقاً. وما عملية ابتداع منهج بالمتعسرة، إذا عرف الناقد أنه يتحاور مع ذاته قبل الآخر من دون انفصام ولا غرور، متسلحاً بالمقايسة وملتزما بالعقلانية ومستعينا بكشوفات النظرية الادبية وما وصلت إليه العملية النقدية العالمية تنظيراً وممارسةً. ولا ننسى أن تراثنا الأدبي والنقدي غني بالمنجزات الأدبية والفكرية والفنية التي هي في يد الناقد الحصيف ثروة كبيرة يمكنه فيها أن يوظف فيها كل جديد، وبالشكل الذي يجعله قادراً على فك شفرات كثير من النصوص الإبداعية شعراً وسرداً. ولا يعني تعمق الناقد في قراءة التراث أن ينفصل عن الحداثة ويتقوقع على الماضي؛ بل العكس فالتراث موئل مهم به يمتلك الناقد الإجادة ..وهو ما نجده متمثلاً بشكل واضح في أعمال نقاد جمعوا بين التعمق في التراث العربي ولاسيما السردي وبين التمكن العلمي في توظيف مناهج جديدة أعانتهم على بلوغ محصلات نقدية مهمة تنتصف لإرثنا القديم وتدلل على عمق ما فيه من إبداع وتميز.
* لماذا برأيك ينحسر دور نقد النقد وبشكل يكاد يكون هامشياً أمام الفعل النقدي ذاته، وهل يعود ذلك إلى غياب نزعة الحوار العقلي والاستعداد للنقاش في وجهات النظر وتقبل اختلافها؟
ـ أخالفك الرأي فالفعل النقدي واحد سواء كان في الشعر أو النثر أو النقد لكنَّي أتفق معك في مسألة غياب الحوار النقدي والسبب أن العقل الانتاجي عندنا متلكىء ومقيد. وما دامت الحياة متغيرة فإنَّ من الواجب للعقل أن يتجدد بما يجعل النقد في حالة تحرك مستمر لا يعرف الثبات.
ويخيل إليَّ أنّ الحوار الجاد هو الذي يجدد العقل وهذا يتوقف على طبيعة المتحاورين ووعيهم بأهمية أن يكون البقاء للأصلح ـ وعادة ما تفضي الحوارات النقدية إلى فوائد معرفية وإضافات فكرية بطرائق نافعة. وتتوقف قيمة هذه الإضافات على ما لدى المتحاورين من قدرات في المعرفة وممارستها. وكلما كانت الأطراف المتحاورة متكافئة في قدراتها ووسائلها ونواياها من الحوار، بدت الإضافات أكثر نفعاً من الناحيتين الجمالية والمعرفية.


* ما موقفك من فكرة النسوية في النقد، وكيف تنظرين إلى الرؤى التي تقر بوجود عقبات إزاء الكتابة النسوية مما يحتم تصنيفها كنوع أدبي مستقل بذاته؟
ـ النسوية علم من العلوم المعرفية، له رؤاه النظرية وأهدافه المستقبلية، وقوة النسوية هي في إثباتها وجودها بعمومية وفاعلية. وما تسعى النظريات النسوية إلى بلوغه هو إعلاء صوت المرأة كي تتحدث بلسانها ويكون لها صوتها الذي به تصل إلى أهدافها. وفهم النسوية فهماً حقيقياً يعني التصدي ومناهضة كل الصور التي تريد تجهيل وضعها ومن ذلك مثلاً التصور الخاطىء أنَّ الوعي النسوي ليس له تاريخ ولا فلسفة. من هنا اهتم كثيراً بما يكتب وينشر حول الأدب النسوي ونقده. وأجد نفسي ملزمةً لا بالكتابة في هذا الميدان حسب بل المشاركة بتقديم المحاضرات والندوات انتصاراً للنتاج الإبداعي الذي تكتبه المرأة أو الإبداع المنصف الذي يُكتب وموضوعه المرأة. لما لذلك من دور مهم في رفع فاعلية الاداء النسوي في عالم الثقافة أولاً ودفاعاً عن المرأة ككيان إنساني له أهميته وفاعليته.


* قصيدة النثر العربية، هل هي ابنة أصيلة للشعر العربي لكنها واكبت العصر والبيئة، أم هجينة أوجدتها الظروف وتغير أنماط الحياة وتلاقح الثقافات؟
ـ نعم هي أصل الشعر لا العربي وحده، بل الشعر الإنساني بالعموم، وفي كتابي(أميرة الرهان)٢٠١٩ فصلت في جماليات قصيدة النثر وأسباب قوتها الاجناسية ولماذا لها المستقبل والكلام يطول في هذا المجال لكني أقول أن في هذه القصيدة يتنوع فعل الخيال الجمالي، ولهذا أطلقت على إحدى صورها اسم قصيدة النثر الناظرة من ثقب الباب والسبب مغايرتها في إدراك الأشياء وفهمها وهي تجد للمحسوسات بعداً يقلب المرئيات إلى لا مرئيات حاملة أبعاداً تفكرية تأملية تنساح في الماورائيات. وفي كتابي( نحو نظرية عابرة للاجناس) توصلت إلى أن قصيدة النثر هي الجنس الشعري الوحيد القادر على العبور على جنسي العمود والتفعيلة.
* ما رأيك بالصوت الروائي العراقي، وهل تمكن من فرض هوية معينة له؟
ـ الملاحظ على الإنتاج الروائي أنه كمي لا نوعي، فبين مئات التجارب الروائية لا نجد سوى القليل من التجارب المهمة التي تلفت الانتباه وتكون جديرة بالرصد والتشخيص. والأسباب كثيرة منها الاعتقاد أن الرواية موضة بها يتباهى المرء أو أنها وسيلة لنيل الشهرة وتحقيق الربح؛ في حين أنَّ الرواية تمرد ومغامرة غير محسوبة النتائج، وحساسية أدبية في مناوأة المعتاد بمواقف ثقافية واجتماعية وإيديولوجية يتحمل الروائي مسؤولية التعبير عنها سلباً أو ايجاباً. والرواية أيضاً اعتمالات ذهنية داخلية مضنية، فيها يصارع الكاتب نفسه محولاً وعيه الاجتماعي والسياسي إلى كيان جمالي، يتجسد معرفياً. ومن هنا دفع الروائيون الكبار عرباً وأجانب أثمان إبداعهم من روحهم ودمهم لأجل أن يقبضوا ثمرات وعيهم مشاريع ترسم لشعوبهم سبل النهوض والخلاص.

*ما رأيك في المشهد النقدي العراقي، وهل للمرأة الدور البارز فيه؟
ـ النقد العراقي فاعل في حركة النقد العربي عامة، لكن منافذ التواصل محدودة وتعاني من نقص سواء على مستوى المجلات والصحف أو على مستوى الملتقيات والمؤتمرات. ومعالجة هذا الإشكال تعتمد على مستوى الشعور بالمسؤولية في انعاش الواقع النقدي وتوكيد التواصل بين النقاد العرب.
وبخصوص الشق الثاني من السؤال فإنَّ من المعلوم أنَّ مجتمعنا تتسيده المنظومة الذكورية، والمرأة في هذا المجتمع هامشية، وحالها على الصعيد الإبداعي والنقدي هو كحالها على الصعيد الاجتماعي لا تحسد عليه. وانعكاسا لهذا الوضع يكون دور المرأة – في كل الميادين والنقد واحد منها – محصوراً ومتموضعاً في إطار الهيمنة الذكورية. الأمر الذي يتطلب مرتبة من الوعي عالية بها يمكن تحدي تلك المنظومة.
* ما العقبات التي تواجه النقد النسوي عامة، وفي العراق على وجه خاص؟
ـ لست أدعي أن توخي الحرص وتحري العلمية سببان مهمان في نضج أية تجربة نقدية. وتجربتي النقدية دلتني على نظريات ومنهجيات أفادتني في توطيد اشتغالي معرفياً وإجرائياً ومكنتني أيضاً من أن أضع يدي على ما هو جديد مبتكر في المجالات النقدية والثقافية والاجتماعية. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنَّ الناقدة امرأة أولاً، وهذا يفرض عليها التماس مع قضايا النسوية في مجتمعها أو قضايا النسوية في العالم. ونسبة النساء المثقفات الفاعلات في هذا الصدد قليلة.. ومن ثم فإنَّ جهد أية امرأة واعية يظل مطلوباً، ودورها يبقى مهما أياً كانت الصفة التي تحملها.
وذوات الأقلام أولى وأقدر على خوض هذا المعترك. ومن هنا جاء اهتمامي بالميادين المجاورة للكتابة الأدبية.
* ما هي مشاريعك القادمة؟
ـ المبتغى كبير والمرجو عمله كثير والوقت قصير ولكن الآتي منه قريب وجديد بإذن الله. ولا أحب الافصاح عن هذا القادم وإنْ كان قبض اليد، فنحن في ظروف متقلبة ولا يمكن لأحد التكهن بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى