الفنان التشكيلي طالب دويك..  بيكاسو فلسطين

محمد زحايكة | فلسطين

بدأت علاقة الصاحب مع الفنان التشكيلي طالب دويك عندما قام  بتدريسنا في المرحلة الثانوية مادة الفن والرسم  في المعهد العربي الأردني في أبو ديس نهاية سبعينيات القرن الفارط.. حيث كان معلما ومدرسا محببا للمادة الفنية أي الرسم بشكل خاص، وكان يتعامل مع الطلاب بأسلوب تعليم عصري يوازن بين سياسة الاحترام المتبادل مع مرونة كبيرة تحبب الطلاب بهذه المادة الممتعة إذا ما قيض لها مدرس هو بطبيعته فنان وعاشق للفن .

وأذكر أن المعلم والفنان دويك كان يصطحبنا أحيانا إلى خارج الصف المدرسي ويعطينا الدرس في أجواء الطبيعة مباشرة خاصة في فصل الربيع مما وثق العلاقة معه وجعلها أكثر حميمية  والتصاقا به، إذ كان يتجرأ بعض الزملاء من الطلبة ويسألونه أسئلة حساسة كونهم في مرحلة المراهقة فيجيب عنها بكل أريحية وطيبة خاطر وبأسلوب المتمكن والمطلع على هذه الأمور مما ساهم في زيادة شعبيته بين جمهور الطلبة.

وتمضي الأيام، وإذا بالفنان دويك يتفرغ للفن ويكتسح السوق الفني من حيث الانتشار والمساهمة في تجربة رابطة الفنانين التشكيليين ومن ثم تجربة مركز الواسطي للفنون الجميلة في حي الشيخ جراح مع عدد من زملائه الفنانين. وأصبحنا  بعدها نتابع معارضه الفنية بشغف وصرنا نشاهد لوحاته الجميلة وقد زينت العديد من جدران المؤسسات الوطنية والفنادق مضفية نوعا من البهجة على النفس ومكتحلة بها العيون.

وكان الفنان طالب الدويك هو الذي عرفنا على المدارس الفنية التشكيلية في العالم من انطباعية وتجريدية وتكعيبية وتأثيرية وطبيعية وسريالية وربما غيرها، رغم أنه لو سأل أحدهم  الصاحب اليوم ما هي الفروق بين هذه المدارس التشكيلية، لأجابه الصاحب ” لا تشكيلي ولا أشكيلك.. الحال من بعضه في عدم الفهم .. الله وكيلك.. !!

وكنا نلاحظ أن الفنان طالب دويك معجب وربما متأثر بالفنان العالمي بيكاسو حتى أن الصاحب اطلق عليه بيكاسو فلسطين صاحب المدرسة التكعيبية على ما يظن الصاحب..

ومن أكثر الفنانين الذين تابعهم الصاحب بعد الفنان العملاق سليمان منصور كان فناننا  طالب دويك حيث اجتهد الصاحب وكتب بعض التعليقات والانطباعات عن معارضة الجمة التي كان يقيمها في القدس خاصة والتي تم نشرها في الصحافة المحلية  تباعا .

وذات يوم استضافنا  الفنان دويك حيث ذهبت بمعية الصديق الغائب الحاضر إيهاب الشنطي الذي شغل لفترة زمنية منصب مدير العلاقات العامة والإعلام والاتصال في مؤسسة الUNDP في القدس وذلك في بيته في حي الشياح المجاور لحي رأس العمود – سلوان وشاهدنا مرسمه الجميل ولدعنا قدرة لذيذة معتبرة. وكان الشنطي يحاول فتح آفاق من موقعه للفنانين الفلسطينيين في العالم العربي، ولا أدري إذا تكللت هذه المحاولة بالنجاح أو أنها اقتصرت فقط على نتائج متواضعة .

الفنان طالب دويك.. إنسان راقٍ.. متزن.. خجول.. متواضع.. يعشق فنه ويتعامل معه بجدية كبيرة.. ويدرك تماما إن الفنان المتفرغ  يجب أن يعتمد على نفسه اولا وأخيرا في تسويق فنه ولوحاته إذا أراد أن يعتاش من وراء هذا الفن المدهش الذي وصلت فيه بعض المزادات العلنية  عالميا على  لوحات لفنانين عالميين من أمثال بيكاسو وسلفادور دالي وغيرهم  الى أرقام قياسية  فلكية تجاوزت مئات الملايين وتحديدا نصف مليار دولار كما حدث مع احدى لوحات الفنان ليوناردو دافنشي العالمية  من عصر النهضة التي قيل إن الأمير محمد بن سلمان السعودي قد اقتناها بهذا المبلغ الخيالي!!

ولا يمكن تجاهل اللمسات الجمالية التي تتميز بها لوحات هذا الفنان، الذي أصبحت له بصمة واضحة وأسلوب فني متميز في إبداع وألق خاص يميزه عن الفنانين الفلسطينيين المبدعين الآخرين.

كل الاحترام والتقدير للفنان الأصيل والمتجدد دائما طالب دويك الذي علمنا عشق الفن التشكيلي وألهمنا ضرورة وأهمية اقتناء اللوحات الجميلة لتكون جزء من حياتنا اليومية سواء في مؤسساتنا أو بيوتنا، فالفن التشكيلي ذوق وتعبير راقٍ عن الجمال اللامتناهي في هذا العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى