طحين
عمر حمّش | قاص فلسطيني مقيم في قطاع غزة المحاصر
عندما مر ؛ راودني إحساس أنني أعرفه .. القامة المديدة’ وإن انحنت’ الشعر الفحمي’ وإن تجعد’ والحدقتان اللتان كانتا تشعان؛ نادتاني’ وإن انطفأتا ..
قلت: من؟
واستدعيت الزمان’ وانهالت الصور’ وظللت عاجزا عن التقاطه .. وقف يتأملني’ ثم همس’ وهو يشد على يدي:
تغيرت كثيرا.
عندما سمعت الصوت؛ صحت: إبراهيم!
وجاءتني اخر صورة؛ وهو عائد مطأطئا’ ويقول:
هربنا من الجبهة؛ وعبروا.
وعاد عويل النساء.
وعادت السماء أظلمت.
وعدت أصيح: إبراهيم!
وعادت عيناه المنطفئتان؛ تعتصران قطرات اللهب.
وهو يقول: ليس في بيتي عجنة طحين.