سيدتي فاطمة…. سلام عليك

عصري فياض | فلسطين

سيدتي فاطمة….،

لعلي التلمس حس مشاعرك المرهفة التي بقيت طفولية معك منذ الصغر،وكبرت في وعاء الأحلام المخملي تحت سماء “عارورة” حتى كان مرور الكتف الخضراء المثقلة بهموم الوطن والبندقية والقادمة من” بيتونيا ” لتعبر من بين الروابي وأشجار الزيتون،فعلقت وعاء الأحلام على الكتف الأخر، ووشدتي الوثاق بيخط من حرير رداءك الشعبي، وقلتي له أمضي ……… لن تكون وحدك..

سيدتي فاطمة …….،

كل فتيات الكون تزف إلى النصف الأخر بأمن واطمئنان،إلا في كوشة فاطمة ، كان العطر يتيما، وكانت العين واحدة، والابتسامة باهتت اللون، واماقي الصبايا اقرب للعبرات منها لمحاكاة الأماني والأحلام،كانت الزغرودة جسدا بلا روح، والروح مستهامة ومكلومة…. كل طقوس الفرح “الأكبر”مبتورة ، لقد سرقها المحتل، بل ذبحها من الوريد إلى الوريد………

سيدتي فاطمة …..،

قولي للكون، وقد كانت حكايتك لعنة في جبينه … انك فلسطينية، وانك من غرس هذه الأرض، إمراة كباقي نساء العلم كانت تحلم بزوج وأبناء وسقف يظلل العواطف النبيلة، فرماك الاحتلال في العتمات الثلاث عتمة الليل البهيم،وعتمة الكهف الموحش، وعتمة المستقبل المخيف، والترقب الحتمي للفراق الأبدي.. قولي لهم كيف أن الحب المعتق بالطهر يلاحق ويداس ويسحق حتى في الكهوف المقفرة……..وقولي لهم أن الذبح بدم بارد، والإعدام المبيت يحلوا له أن يرقص على رقبة نصف الروح على تلك الصخرة لأنها بكت عليكما عندما كنتما معا في الليالي العاصفة بالبرد والمطر.. عندما رفض القمر المتخفي خلف الغمام أن يطل خجلا مما تحمله الأرض من ظلم هذا الشعب، وتنكر البشرية للانتصار له ……….

سيدتي فاطمة …..،

يا روح رياض الراحل ، وأماني وحلم رياض الحاضر الباقي، أيتها البتول بعطائها، الزينبية بمصيبتها وصبرها،

لقد اصطفاك الله لتكوني شاهدة اللوحة التي هي من أكثر لوحات العذاب الفلسطيني والبشري عمقا،و الأشد تأثيرا في معرض الأيام الصادح بصوت الآلام الشعب المقهور، معاناة الأرض المقدسة التي يقطر الرهام الساخن من جبينها الصامت من لسعات الجلادين… ولا تردد إلا كلمة واحدة ……. الحرية

لقد خلقت لهذا، وحاشا لله أن يمتحن الله الإنسان بمعاناة أو مصيبة لا يكون الإنسان اكبر منها، وأنا أخالك في خانة الصابرين العظام، المحتسبين على الدوام، المنتظرين لجزاء الصبر بتحقيق الحلم الأكبر المغطى بعباءة مساحتها ثمانية وعشرين ألف كيلوكتر، والذي لا زال يدفع بثمنه من أحلام وأروح وجراح وحرية أطفالنا وشبابنا وفتياتنا وأمهاتنا وآبائنا

منتظرا وعد المعبود بزوال الاحتلال عن كل الأرض والسنابل، والأحلام والمعاول، عن خيوط الشمس والجداول لتزرع العيون المطمئنة فوق هذا الثرى زهرة أمل ،تحاكي الشقائق النعمانية، وتطير للأفق الحمائم البيض، لينطلق خلفها رياض الصغير إلى الحياة العزيزة حاملا سفر والدية الراحل رياض والباقية الشاهدة…. فاطمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى