البهجة وشاح يزين صدر الأيام

د. هاتو حميد حسن | العراق

 قبل الشروع في الموضوع، نسأل أنفسنا السؤال التالي: هل تتلوث الأيام ؟  الجواب : نعم .

 تتلوث بفعل العوامل الطبيعية كالزلازل والأعاصير المدمرة والرياح العاتية، إذا امتدت إلى الأرض تهشم سطحها وتحولها إلى أنفاق مرعبة، وإذا طالت الأشجار والمدن تحيلها إلى أشلاء تتطاير في الهواء كريش نعام، فيحزن الزمن على خبث أفعالها ولا تنهض إلا بعد ترميم حياتها من جديد.

 وتتلوث الأيام بفعل الفيضانات إذا هاجت تجرف في طريقها كل شيء فتتجاسر بقوتها وتقطع أنفاس البشر وتسرح وتمرح بلا رادع لها وتكون مخلفاتها أكداس من الكتل غير النافعة .

 ولا تقل الانهيارات الثلجية خطورة عن سابقتها إذا ثارت دمرت القرى والمدن والبستها جلباباً ابيضا وتدفنها بكفها، وتظل الذئاب تعوي في وديانها، والحرائق هي الأخرى تسهم في تلويث الأيام إذا طاب لها أن تدخل الغابات تتحول إلى وحش كاسر تلتهم الأشياء وتقضي على الحياة وتحيلها إلى رماد أسود، لا قوة توقفها ولا ساتر يمنعها من الزحف، والجميع يفرون منها كي لا تمسها آثارها وتكون الخسائر فادحة.

 وتسهم الحروب في تلويث الأيام وتحول جمال الحياة الى ركام وخراب وأطلال كما فعل داعش في الموصل، فكانت أيام مليئة بالرعب والقلق ذاق مرارتها النازحون وحرم من أبسط مقومات الحياة الكريم.

 ويقع التلوث بفعل الإنسان نفسه من خلال استخدام المتفجرات بأنواعها لأشاعه القتل والدمار فكانت أيام جافة تركت بصمتها السيئة في النفوس وتحولت أيام الفرح والسعادة والبهجة إلى عويل وصراخ و بكاء لفقدان الأهل والأحبة.

 وتتلوث أيضاً بسبب انتشار الأمراض الفتاكة كالأمراض السرطانية وغيرها وما فعله مرض (كورونا) في العالم ليس سهلاً، حصد الأرواح ووقف الجميع عاجزين عن مواجهته، فحول لحظات الهناء والمسرة إلى حزن وألم وتحمل الشعب كل ذلك.

 ولعل السموم تسهم هي الاخرى في تلويث الايام من خلال انتشار المخدرات بأنواعها بهدف قتل الإنسان وشل تفكيره وإيقاف إبداعه فيصبح عبئا على المجتمع لا يعرف كيف يتصرف، ويكون تائها بفكره يغرد كما يقولون (خارج السرب) ويكون عنصراً مؤذيا والدنيا بعينه أنفاق سوداء لا مخرج منها فلا يميل إلى السعادة أو الفرح مهما كان شكلها.

وربما تكون الصراعات السياسية سبباً في تلويث الأيام من خلال عملية التراشق وكيل التهم وإسقاط هذا والنيل من ذاك فتحول كل ما هو جميل ومفرح إلى لحظات سوداوية قلقة لذا تجدهم يلهثون وراء المغانم والمنافع المشتركة.

وتتلوث الأيام من خلال المطاردات البوليسية وتظل زوبعتها تعصف بالأجواء الأمنة وهكذا يضيع العمر بين الرعب والخوف والقلق.

وأخيراً لِمَ لا نرفع شعار (بالبهجة تسمو النفوس) لنحيي من جديد الأعياد بأنواعها مثل عيد الأم، الطفل، المرأة، العمال، المعلم، الجيش، الشرطة والأعياد الأخرى، وبهذا الصدد نقترح ما يأتي.

أن تتولى الدولة والجهات ذات العلاقة الاهتمام بالأعياد الوطنية والدينية والاحتفاء بها سنوياً وبشكل فاعل وليس شكلي، وأن يسهم فيها المعنيون أولا وأن تقام المهرجانات والبرامج الترفيهية لنعيد الفرح إلى النفوس وإظهار البهجة فيها ثانياُ، كما نسعى إلى التخفيف من حدة التوتر النفسي عند المواطن لدفع مسيرة الحياة السعيدة إلى الأمام لنعيد إلى العراق مجده المتألق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى