أدب

أجمل عملية نصب

قصة قصيرة

محي الدين الوكيلي | المغرب

صباح سعيد، قالت.
قلت : و صباحك أسعد.
حينما بادرتني بالتحية في ذلك الصباح، مقرونة بقبله على وجنتي، لم يتجاوز تفكيري تحية ابنة لأبيها ، لم أكن أتوقع أنني سأكون عرضة لعملية نصب ممنهجة.
قبلتها على وجنتيها، و كعادتي في كل مناسبة و غير مناسبة أخبرتها انها أميرتي، حياتي، لؤلؤتي، قلبي الذي ينبض.
قالت بخبث طفولي: أعرف ذلك .
سألتني: بابا، كيف تختار قن هاتفك؟
قلت: ليس هناك طريقة محددة يا أميرتي،
قالت: و كيف تستطيع تذكر : قن الهاتف، قن الحاسوب، قن المصرف …
قلت: لي خطة لذلك، و لا اريد افشاءها.
قالت : سوف أختبرك
و بفرح طفولي سايرتها في لعبتها، كانت تعرف انها إحدى نقط ضعفي، كانت تعلم أن اللعب معها من الأشياء التي تعطي لحياتي معنى. بالمقابل كانت تستدرجني إلى كمينهاالمنصوب، إلى ملعبهاالصغير ، كانت تنفذ خطتها بإحكام.
قلت : و ماهي شروط اللعبة؟
قالت: سوف تكتب عشر كلمات، و سوف أحاول اكتشاف قن الحاسوب في ثلاث محاولات.
قبلت طبعا، و استغربت كيف انها حضرت كل مستلزمات اللعب: الأوراق مجزأة ، الأقلام و طاولة اللعب.
و دائما بفرحي الطفولي قمت بتدوين الكلمات العشر في كل قطعة من الورق. وضعت الكلمات أمامها و تركتها تفكر و تخمن. المحاولة الأولى كانت فاشلة، ثم الثانية، تمنيت أن تكتشف القن في الثالثة، لكن للأسف لم يكن الحظ نصيبها. عادة ما كان ينتابها غضب كبير متزامن بنوبه بكاء كلما خسرت، لكنها هذه المرة لم تفعل ذلك، استغربت للأمر ،لكن لم أعره اي اهتمام.
قالت : هذه المرة سنحاول مع قن الهاتف.
و طبعا قمت بالواجب، تحضير الاوراق، كتابة الرموز العشرة و من بينهم الرمز الصحيح. و طبعا حاولت اولا وثانيا و ثالثا و لم تفلح. و طبعا كنت مزهوا بهذا النصر و بقدرتي الفائقة على إخفاء الرمز الصحيح من بين الرموز الأخرى المصطنعة، وأكثر من ذلك، كنت مستمتعا باللعب معها في هذا الصباح.
قبل أن نستمر في اللعب فاجأتني بسؤال: بابا،
قلت : نعم عيون بابا
قالت: و كيف اعرف انه من بين الرموز هناك الرمز الصحيح، كيف لي أن اتيقن انك لم تقم بتدوين رموز ليس لها أي علاقة بقن هاتفك؟
و كالأبله طلبت منها أن تأتي بالهاتف من المكتب، و قمت امامها بتجربة القن الصحيح في عملية مسرحية اوهمتها أنني نسيته في المحاولة الاولى و الثانية لأقوم بالنقر على شاشة الهاتف بالأحرف الصحيحة في المحاولة الثالثة. سايرتني في مسرحيتي مستمتعة، أو هكذا اوهمتني، قبلتي على وجنتي، و اخذت الهاتف لترجعه إلى مكانه.
مر يوم ، اثنان أو ثلاثة، و أنتبهت لغيابها من حين لآخر، كنت اظنها تذهب لغرفتها حيث كانت تستمتع بابتكار أشياء جميلة من الورق المقوى، لكن فضولي دفعني إلى محاولة اكتشاف ما تفعله. حين دخلت غرفتها، و وجدتها تلعب بهاتفي علمت للتو أنني تعرضت لأكبر عملية نصب كانت بطلتها أميرتي الصغيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى