إضاءة على نص ” ممنوع الإقتراب ” للشاعرة المغربية نبيلة الوزاني

حمري سي مختار |  المغرب
1–تقديم :
الشاعرة تناولت تيمة ”التأشيرات” وهي ذات حساسية كبيرة لدى شريحة مهمة من المواطنين العرب ويمكن اعتبارها سابقة، لما تمثل هذه الكلمة من سحر عند الحالمين، ومعاناة ، مشقة، وجع وألم عند من يشرع في اجراءات الحصول عليها: //طلب التاشيرة// شروط الحصول عليها // انتظار الرد //. الضياع//…قد يتحول الإنتظار إلى البحث عن الهجرة السرية(الغير المشروعة) والسقوط في ربقة المافيات المهربة للبشر في ظروف لا انسانية وبمبالغ خيالية كمعبر بين جحيمين أو الذهاب الى الموت غرقا في حالات كثيرة.
في النص الماثل أمامنا نلمس فكرا يتقن هندسة النصوص يقول شعرا بخلفية فكرية روحية تصبو إلى نحت مفاهيم جديدة دسمة، عسيرة على الهضم بسكبها في قالب فني يجعلها أقرب إلى المتلقي والى الدارسين كمرجعية يقتدى بها هناك رساءل ميتالغوية (الإشارة عوض العبارة).
النص ثري بالأمكنة ذات الرمزية العالية والتي يمكن تقليب دلالاتها على عدة أوجه لذلك أعتبر أن قراءتي تناولت وجها واحدا حفاظا على وحدة الموضوع والفهم الخطي علما انني أرى أنه كان ممكننا التوسع اكثر

2–العنوان : ”ممنوع الإقتراب ”
العنوان على شكل ”لافتة منع” معلقة متبثة (بمسمارين كما تبدو) أو ما يشبه علامتي تعجب يتعلق الأمر بجملة اسمية متشعبة الدلالات .
ممنوع: غير مسموح – محرم – محظور – النهي عن الأمر – والحؤول بين الشيء والشيء:ضد العطاء.
الإقتراب: الدنو -عكس البعد -على مسافة قريبة – ضد التباعد –
قد يشتق منه الزمان اقتراب ذهاب القطار -اقتراب المساء – اقترب من الأربعين
ممنوع الإقتراب عادة توضع كلافتة لتحول بيننا وبين الأخرين أو الأشياء .
أمثلة:
ممنوع الاقتراب من النار – ممنوع الاقتراب من الثكنات العسكرية – ملكية خاصة -نادي خاص -ممنوع الإقتراب أو التقارب خطر الإصابة بكورونا.
عنوان مستفز مثير يدعو للتأمل من الناحية الاسلوبية فهو إنزياح تكويني بالحذف يحتمل الإضافة القبلية والبعدية مع الأخد بالإعتبار البعد الزماني والمكاني.
الماقبل: نجد طرفين اساسيين غير معنيين ب”بممنوع الإقتراب” لظروف المكان والزمان
الطرف الأول: موجود خارج الدائرة الإنسانية المعنية يعيش في الحدود الدنيا التي لا مجال لتطبيق المنع فيها
الطرف الثاني: هم من فكروا ونفذوا نسائلهم: لماذا؟ لمصلحة من؟ وماذا سيترتب عن المنع؟ ولمن هو موجه؟
قد نفترض أن المنع في مصلحة الجميع وقد يشكل الإقتراب خطرا على صحة المعني أو ضررا للآخرين وقد يكون واقعيا منطقيا حماية للجميع، كما قد يكون لحماية مصلحة طبقة معينة اجتماعيا أو اقتصاديا ويمثل بذلك نوعا من الفصل والعزل العنصري أو الاحتلال.
مثال: ممنوع الإقتراب من المستوطنات وضع حواجز تمنع الإقتراب أو جدار فصل عنصري.
المابعد :
–هناك المنع الذي يطبق على الجميع للحفاظ على أمن و صحة الجميع
–هناك المنع الذي يطبق على البعض فقط ومن خرقه يعرض نفسه للمتابعة والعقاب سواء كان المنع جائرا أو في مصلحة الجميع.
–هناك من يخرق المنع جهارا نهارا دون مبالاة ولا يخضع للمحاسبة .. وهذا يمثل نوعا من التفرقة والمحسوبية والطبقية وهذا جاري به العمل في مجتمعاتنا العربية.
إضافة الى التساؤلات عن المنع واسبابه وعلله نساءل اللافتة عن: الإقتراب من ماذا ؟؟ ولماذا الإقتراب من عدمه ؟ وكيف يطبق ذلك ؟
3–الصورة المرفقة :
تم اختيارها بشاعرية عميقة..خلفية جبلية وراءها اضاءة قوية ربما صادرة عن نار مشتعلة.. ثلاثة أبواب أو (مرايا) أو (نوافذ) كل واحد(ة)يفتح على عالم خاص تمثل الإطلالة على الخارج أو الداخل فالمرآة هي الحيز الذي يرى فيه الإنسان نفسه رؤية واقعية ورمزية المرآة ليست مجرد ناقل ببغاوي للعالم بل هي طريقة في النظر للأشياء والوقائع.
ما نراه منعكسا في المرايا الثلاث:
–صحراء مقفرة ، حريق ، نارصهارة ، قد تعبر عن فصل الصيف الشديد الحرارة في مكان ما من العالم .
— أرضية معشوشبة وسماء بها زرقة قد تعبر عن فصل الربيع.
— سحب وبرق في فضاء المرآة الثالثة قد تمثل فصل الشتاء.
نرصد فصول السنة وبذلك نستنتج ان هناك انفتاح على الزمان والمكان خارجيا انطلاقا من ترسبات الداخل أو من باب التمني والأحلام.
أريد أن استرجع العمر الذي/ خبأته في داخل المرايا (سعاد الصباح)
”أسطورة نرسيس” الذي رأى صورته الجميلة في الماء فذهل وبقي يبحث عنها إلى أن مات دون العثور عليها ..لتعبر المرآة عن ولادة فردية الإنسان واهتمامه بنفسه فور خروجه من عتمة ما قبل التاريخ.
4– قراءة تأويلية للنص :
بمجرد ملامسة النص تواجهنا كلمة التأشيرات في ”التأشيرات بالعادة” وهي تعني: تأشيرات المنافذ،إذن بالدخول ، صيغة أو ختم على وثيقة السفر أو جواز السفر يسمح لحاملها بالدخول الى بلد من البلدان بالخضوع لشروط محددة وقد تشمل تأشيرة الدخول، العبور، العودة، عبور الحواجز داخل نفس البلد او مع البلدان الأخرى، وآخر ما ظهر في هذا المجال تاشيرة أو جواز المناعة ضد كورونا للتنقل داخليا أو خارجي.
كلمة تاشيرة (Visa) مثيرة لإهتمام شريحة عريضة طويلة من مواطني العالم العربي وبالنسبة للبعض تعتبر مسالة حياة أو موت أو تحقيق أحلام أو أماني كما يتخيل ، ضمن هذه الشريحة شباب يحملون شهادات عليا ويدخلون في اطار ما يسمى ”بهجرة الأدمغة” ويطلبون التاشيرة هروبا من جحيم البطالة والقمع الممنهج الذي يطال كل المجالات بحثا عن مكان آمن وعمل مدر للأجر وظروف عمل أفضل قد تتحقق امانيهم أو قد يبقون على لائحة الإنتظار الى ما شاء الله.
هناك شريحة كبيرة ممن فقدوا أمل الحصول على التأشيرة أو لا تتوفر فيهم الشروط الضرورية..يغامرون بكل ما يملكون بما فيها أرواحهم ، يركبون البحار في مراكب مطاطية يكون مصيرهم في كثير من الحالات الغرق في مياه البحر الأبيض المتوسط الذي اسود من الخجل من صورة الحرب القائمة الأركان والتي يذهب ضحيتها الألاف من الشباب كل سنة غرقا في مياهه وإن نجحوا فمصيرهم جحيم آخر لا يختلف الا مكانيا عن الأول فيه المعاناة والإحباطات والتنكر للقيم الإنسانية والخداع والإستغلال
النص يتناول التأشيرات في ستة (6) محطات كل واحدة تظهر وجها من أوجهها وسنعرض لها بالتفصيل
التأشيرات بالعادة
لاتزورك
لاتدعوك للعشاء
في فينيسيا
ولا لعرض في مسرح دقة
لا تأخذك من يدك
إلى ميدان القلعة
ولا لنزهة داخل معبد بعل
أو لرحلة
عبر تاريخ الكتبية
وأخذ درس في قرويين فاس
نلاحظ في هذا الجزء استعمال أفعال: تدعوك – تزورك- تأخذك من يدك نستشف نوعا من البحث للتقرب من الآخر ، دعوته، زيارته أو الأخذ بيده، هدايته إلى الطريق السوي (الجانب روحي) ..
الجملة الشاعرية إما آمرة أو ناهية أو متوجعة نلمس أننا أمام جمل ناهية حيث تم استعمال لا النافية: دخولها على الفعل المضارع ينفي وقوع الحدث والفعل. (لا) تنفي الفعل المضارع حالا واستقبالا والكاف المتصل بالأفعال يفيد المخاطب (أنت) يعرب مفعولا به والفاعل هي التاشيرات وما بقي من الجمل الإسميىة الأخرى يتم مراكمتها كمقومات على ماذكر قبلها بواسطة حروف العطف ( الواو -أو )
”التأشيرات بالعادة ..لا تزورك ،،لا تدعوك للعشاء ..في فينيسيا”
فينيسيا مدينة ايطالية تاريخية جميلة بهندسة رائعة عائمة فوق ماء البحر الادرياتيكي تعتبر قبلة للعشاق والأزواج الجدد لقضاء شهر العسل لهدوءها وروعتها وحسن استقبالها وبالتالي يتم استبعاد التأشيرة عن كونها سبيل في خلق و تحقيق العلاقات الإنسانية الحميمية مثل تناول عشاء في فينيسيا.. ولما لا علاقة حب وعشق والتي لا يجب أن تحتاج إلى ترخيص أو قنطرة عبور أو واسطة فالمحبة الإنسانية فطرة اولى فطر عليها …
”ولا لعرض في مسرح دقة ”
مسرح دقة : هو مسرح أثري روماني في مدينة دقة الأثرية بتونس والمسارح الرومانية كانت ضربا مزدهرا في الفنون ، احتفالات الأعياد ، الرقص العاري ، الأكروبات والكوميديا .. مما ساهم في تشجيع الأدب اللاتيني لينتج أفضل المسرحيات ..ومجالا للقتال حتى الموت (غلادياتور Gladiator) مع أشرس الحيوانات المفترسة أو أشخاص آخرين …
المسرح الروماني التاريخي يرمز إلى القوة العسكرية التي كانت تتميز بها الإمبرطورية الرومانية ، الثقافة ، الفرجة والمسرح وكل ما يندرج ضمن الحضارة الرومانية عامة…
اذن التاشيرة لا يمكنها أن تجعلك تتفتح على حضارات غربية و معايشة تاريخ قديم كان هنا وماعادت لنا صلة به.. ”ولا تأخدك من يدك ..إلى ميدان القلعة ”
ميدان القلعة: من أهم الميادين التاريخية بالقاهرة تحيط به قلعتين قلعة الجبل وقلعة الكبش من أهم بقاع القاهرة لما عرف من أحداث سياسية واجتماعية خلال تاريخ مصر الإسلامي المملوكي والعثماني وفي العصر الحالي.. وبالتالي فهو يرمزإلى التاريخ العربي الإسلامي ا الذي يستحيل أن تشكل التأشيرات معبرا إليه ”ولا لنزهة داخل معبد بعل ”؛ معبد بعل شمين: هو معبد قديم في مدينة تدمر السورية (32م)مخصص لإله الكنعانيين (رب السماوات )بعل شمين ..اكتشفه علماء اثار سويسريون(1954-1956) تعرض للهدم من طرف متطرفين اسلاميين في 2015م
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الكنعانيين من أول الشعوب السامية التي قطنت الوطن العربي من حوالي 3300ق.م
التأشيرات لن تأخدنا لاكتشاف الحضارات القديمة التي ووريت الثرى و دمرت بإيادي الأحياء مايتبـت انحطاط وتراجع القيم الإنسانية ما نجم عنه تدمير حضارات أو ما بقي منها عبر الأزمنة والعصور..التأشيرات لا تنفع في اصلاح سلوك الإنسان أو تقويم علاقاته بتاريخه الحضاري أو تصحيح تصورات الديانات وانحيازها المذهبي وانخراطها باشكال متعددة في محاربة الأثار والفنون والثقافات …
أو لرحلة
عبر تاريخ الكتبية
وأخذ درس في قرويين فاس
صومعة جامع الكتبية: هي من المعالم الإسلامية الراسخة في تاريخ المغرب تتوسط مدينة مراكش التاريخية بنيت في مرحلة ذهبية في تاريخ المغرب (في عهد مؤسس الدولة الموحدية عبد المومن الكومي)وهي توأمة ”الخيرالدا” برج في اشبيلية بني في العصر الموحدي حيث كانت الأندلس تحت حكم الموحدين ..
القرويين: تعتبر أول جامعة في العالم المعاصر بنيت على يد ”فاطمة الفهرية ”جامعةلها اشعاع تاريخي على مستوى العالم الإسلامي ولها بعد ثقافي وتعليمي وبحثي ..تظهر اسهام المراة العربية البارز في التاريخ العربي الإسلامي
التأشيرات لا تسمح باستعادة التاريخ المحلي التليد أو التفاعل معه واستشكاله بالوضع الحاضرفي اطار استنهاض الهمم وخلق مساحات فكرية حوارية تفسر وتدمج تاريخنا بما فيه من ذرر ضمن حاضرنا ومستقبلنا في افق التحديث والحداثة …

نستنتج ان التأشيرات لا تساهم في تحقيق علاقات انسانية راقية حميمية أو في حوار الثقافات والفنون والحضارات القديمة او الديانات او التاريخ …والتي تعتبر الأهم في حياة الانسان وفي رقيه وتقدمه .. بل إن التأشيرات تجعل العلاقات الإنسانية أكثر تعقيدا وصعوبة وانحطاطا
و ليست مسؤولة عما اصاب الإنسانية من اضرار تتمثل في العنصرية والغرور والأنانية وفرض التباعد ونبذ الحوار وعدم المثاقفة وتدمير كل ماهو حضاري أو استبعاده وفرض الارادات بالعنف لتحصيل المكاسب النفعية الذاتية ..
في هذا الجزء جاء ذكر عدة مواقع منها :
ايطاليا في محطتين: فينيسيا/ العلاقات الإنسانية الحميمية/دعوة لعشاء/ هناك جانب روحي
مسرح الدقة/الحضارة الرومانية/ هنا تتجلى روح الحضارة الرومانية
مصر: ميدان القلعة/ التاريخ الإسلامي/ تتجلى الروح الدينية الاسلامية
تونس: مسرح الدقة/ موقع جغرافي / كان مهدا للحضارة الرومانية الغربية
المغرب: الكتبية/ التاريخ الاسلامي المغربي في ارتباطه بالتواجد في الاندلس والغرب // تجلي الروح الاسلامية
جامعة القرويين/ الاشعاع الثقافي والعلمي البحثي والريادة في التعليم الجامعي تاريخيا // روح الدين الاتسلامي
سوريا: معبد بعل / الحضارة الكنعانية القديمة وصراع الديانات // جانب روحي
خلاصة: بدأنا بافعال تدعو للهداية وختمنا بامكنة كلها لها تواصل مع ما هو روحي الشاعرة تريد تمرير رسالة روحية بالغة الأهمية ”انا جد مندهش ” ولا استطيع ان اذهب بعيدا او ان اعبر عما وصلت الي بالحدس اكتفي بالقول فقط نحن امام فكر بتجربة وجودية عميقة ….
التأشيرات أحيانا
اذا مااستحسنت جيبك
كتبت احلامك
ومنحتك فرصة الجنون
في متحف الارميتاج
وسمحت للدهشة
ان تلبسك امام
تاج محل
وبفنجان قهوة
في برج ايفل
التاشيرات احيانا(ليس دائما )اذا كان جيبك ملآن إن كنت ثريا تسمح لك بتحقيق احلامك على أرض الواقع وتزور كل المناطق التي كنت تحلم بها بل قد تمنحك فرصة الجنون في متحف الارميتاج: هو متحف عالمي يوجد ببطرسبورغ بروسيا من أكبر المتاحف والمعارض العالمية الفنية، البشرية، التاريخية والثقافية في العالم وزيارته تشعر بنوع من الجنون أمام مايقدمه..
المفروض أن زيارته يجب أن يكون لها وفع سحري على الإنسان يجعله يغير سلوكه لكن هذا يبقى بعيد المنال فالإنسان وإن اطلع على مكنونات المتحف لا يسمو ولا يرقى الى المستوى الذي تتجلى فيه القيم الإنسانية الراقية السمحة .. وصول الإنسان الذي لا يملك الإمكانيات المادية الى هذا الموقع يبقى نوعا من الاحلام خارج مجال التحقق مما يظهر الطبقية واالعنصرية والتفرقة المتفشية في المجتمعات الإنسانية..
وسمحت للدهشة
أن تلبسك أمام
تاج محل
تاج محل: ضريح رائع الصنع انيق العمارة من الرخام الأبيض يوجد بأكرة بالهند بناه(شاه جهان المغولي) ليضم رفات زوجته الثالثة يعتبر جوهرة الفن الاسلامي وهو مثير للدهشة من خلال عمارته وتخليده ولع الامبراطور في عشق زوجته ..
زوار هذه المعلمة بالإضافة الى الإندهاش المعماري يعيشون في حضن ذكرى قصة العشق الخالدة بما تحمله من رمزية وعظمة في بلد السحر والروحانيات والحضارات القديمة (الهند).
وبفنجان قهوة
في برج ايفل
برج ايفل : معلمة سياحية فرنسية ترمز الى باريس مدينة الأضواء والسياحة والتسوق
يبلغ ارتفاع البرج 327م وعدد زواره 7 ملايين سنويا
زيارته وتناول كاس قهوة تعتبر من باب التباهي والأبهة وليس في متناول سوى طبقة من المحظوظين والأثرياء كما هو الإعتقاد السائد
في هذا الجزء يتعلق الأمر بالتأشيرة السياحية لزيارة بعض المعالم أو المواقع السياحية التي تبقى حكرا على من يملك الامكانات المادية ويستجيب لكل شروط البلد المستضيف وتحرم بقية البشرية من هذا الحق في تصرف يفضح نوايا التفرقة والطبقية ..
تأشيرات بالعادة
لها ربطات عنق
لامعة كسراب
يغازل صفيحة لاهبة
وغليظة كقبظة يوم
في نيفادا
لها معاطف تخطىء حرارتك
وقبعات مثقوبة
يتسرب منها الكثير
من الليل
الى راسك
وانت فكرة رخوة الفقرات
اذا سقط منك
نخاعها
لا تبحث عنه
خارجك
يتم شخصنة التأشيرة كإنسان بربطة عنق ، ملتزم بالرسميات في هندامه لكن ربطات العنق لامعة كسراب ينبعث عن صفيحة لاهبة ، في قبظة يوم في صحراء نيفادا الشديدة الحرارة ولا يكفي هذا الوضع بل تفرض ارتداء معاطف تخطىء حرارة الجسم، لا تبالي بما يعانيه الظروف الاحياءية (البيولوجية) وربما الاجتماعية والمادية .. لها قبعات مثقوبة وهذه الاخيرة دليل على الممارسات والتضحيات في نيفادا وامريكا القاسية الجغرافية والطقس ودليل على الفقر والاستغلال فهي مثقوبة ولن تحمي من لسعات الشمس كما سيتسرب الكثير من الظلام عبر ثقوبها بمعنى الافكار السوداء العقيمة المخطئة وبذلك تتبخر احلام الراغبين في الحصول على التأشيرة ويكتشفون غباءهم وفكرهم الرخو الغير المؤسس على أرضية صلبة فالأمر سيكون مشابها سواء تم الحصول على التأشيرة ام اذن لا يجب البحث عن السبب في الداخل فالاحلام تبنى على احتمالات قابلة للتحقق وقناعات ووعي بكل الظروف الاجتماعية والمادية و الثقافية …
التأشيرات بالعادة
محاورة استثنائية
تمسك الحديث
من خيطه الغليظ
تلجم به فم الكلام
لاشيء
يعكر المزاج في وقتها
تعانق سيجارها الهافاني
في حفلة تنكرية
ثم تدخنكك
فمتى
سيصلك احتراقك
التأشيرة محاورة خاصة (استثناءية) لاتحترم قوانين أو اعراف الحوار فهي تمسك الحوار من خيطه الغليظ , انها متمكنة من نقط الضعف والقوة التي يملكها من سولت له نفسه محاورتها ، فتوظفها بشكل يلجم فمه فتلزمه الصمت والخضوع لشروطها المجحفة فلا حوار ولا اعتراض ولا معارضة ولا اي شيء يعكر مزاجها شروطها اما ان تقبل او ترفض لا خيار ثالث تفاوضي امامك فالذي سيمنحك اياها مغرور مستكبر يدخن اغلى سجائر العالم سيجار هافانا الكوبي وهو بلا ملامح انسانية فهو مقنع وكانه في حفلة تنكرية ، لا يبالي بما تفكر ، او تحلم ، او تحس به، استغلاله للانسان وصل الى درجة انه لن يتوانى في تدخينه كما السجائر والسؤال متي يستيقظ المعني ويحس بانه يحترق؟؟…نستحضر على الخصوص شريحة الشباب التي تسعى بكل الوسائل للحصول على تاشيرة الى الدول الغنية اما هروبا من الظروف المادية والاجتماعية السيئة او هربا من الازمات، الحروب ،القمع و الكبت او لعدم توفر العمل المناسب لكفاءاتهم او ابحاثهم … قد يتعرضون لكل انواع الخداع والاستغلال من مافيات التاشيرات الرسمية أو (غير المشروعة) بحثا عن هجرة سرية .. في حالة النجاح في مسعاهم يكتشفون انهم هربوا من جحيم الى اخر اعمق في بعض الحالات …
التاشيرات
قانون اللامكان
اللاصوت ..اللاذاكرة
اللامكان.. اللاصوت.. اللاذاكرة اي (اللازمان) هذا يعني العدم بالمفهوم الفلسفي اي اننا خارج التاريخ والجغرافيا..فالتاريخ في حركة دائرية نعود من حيت انطلقنا والجغرافيا ملك للاخر ومن حصل على التاشيرة للعيش في بلد اجنبي غني ومتقدم يصبح خارج المكان (في مكان لا ينتمي له) ولاعلاقة لذاكرته به التي ستظل حبيسة المكان الاول الذي اصبح مجرد خيال لا واقع وفي زمان ليس زمانه فقد تركه مع المكان الذي كان يعيش فيه ويجد نفسه مرغما على تقبل شروط المجتمع المستقبل ويعيش الانقلاع من جدوره والغربة ، الاغتراب والاستلاب في مجتمع يطحن لحمه وعظامه في كل الأبعاد الثقافية والاجتماعية والتاريخية …
التاشيرات
قانون الغابة
في نصف المعنى
والنصف الاخر
انسان
اضاع لسانه
التاشيرات لا تعترف بانسانية الانسان او حريته او حقوقه حسب المواثيق الدولية وما نشاهده من استغلال جنسي للنساء من الرق الابيض (كعاملات جنسية) لدى من يدفع مقابلا ماديا اكثر لمافيات تهريب البشر كما تهريب أكياس المخدرات والاسلحة والاعضاء البشرية ويتدخل في الهجرة السرية بعض القوى السياسية والدينية لشن الحروب وجني المكاسب.. أمام هذا الوضع المتردي والخطير اضاع الانسان لسانه أو بلعه ولم يعد يسمع صوت في العالم يندد أو يستنكر.. كل ما اصبح يثير الاهتمام هو مراكمة القوة الاقتصادية على حساب شقاء ومعاناة الفقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى