داعش وإسرائيل: علاقات ملتبسة (1)

نهاد أبو غوش | فلسطين

العمليات المسلحة الثلاث التي وقعت أواخر آذار/ مارس في مدن بئر السبع والخضيرة وبني براك على التوالي، أثارت من جديد أسئلة كبرى حول علاقة إسرائيل بتنظيمات السلفية الجهادية وبخاصة ما عرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، حيث أعلنت المصادر الأمنية الإسرائيلية ارتباط منفذي العمليتين الأولَيَيْن بهذا التنظيم، وهم محمد أبو القيعان منفذ عملية بئر السبع التي أودت بحياة أربعة إسرائيليين، والشابان أيمن وإبراهيم اغبارية من أم الفحم منفذا عملية الخضيرة التي قتل فيها شرطيان إسرائيليان. المصادر الإسرائيلية دلّلَت على علاقة هؤلاء الشبان بتنظيم (داعش) من تأكيدها على سابقة اعتقال ابو القيعان وقضائه 5 سنوات في السجون، وكذلك اعتقال إبراهيم اغبارية لدى محاولته التوجه إلى سوريا للقتال فيها عام 2016، بالإضافة إلى ما كشفته المصادر الأمنية عن معرفتها المسبقة بتوجهات هؤلاء المنفذين وتأييدهم لأفكار (داعش) حالهم كحال بضع عشرات من الشبان العرب في إسرائيل الذين يخضعون لمراقبة دائمة، ولكن السلطات الإسرائيلية تمتنع عن اتخاذ تدابير عملية ضدهم إلا إذا اقترنت أفكارهم بسلوك عملي كحيازة الأسلحة.
مصادر إعلامية مقربة من التنظيم الإسلامي، ومن بينها صحيفة “النبأ” وبعض الحسابات الأليكترونية أعلنت تبني التنظيم لعمليتي بئر السبع والخضيرة، بينما لم تثبت أية صلة بين الشاب ضياء حمارشة منفذ عملية بني براك التي قتل فيها خمسة إسرائيليين وبين تنظيم داعش الذي ما زال منتشرا في بعض المناطق الصحراوية بين سوريا والعراق ، إلا من زاوية ما يقوله خبراء أمنيون من أن هذا النمط من العمليات يمكن له أن يلهم شبانا فلسطينيين لتنفيذ عمليات مشابهة.

عدو مشترك لحلف النقب
وقعت عملية بئر السبع على مقربة من مكان انعقاد “قمة النقب” في “سديه بوكر” قرب ضريح دافيد بن غوريون، وشارك فيها وزراء خارجية الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين ومصر إلى جانب وزيري الخارجية الأميركي والإسرائيلي، بينما وقعت عملية الخضيرة أثناء حفل عشاء للمشاركين في القمة الذين أطلعهم وزير الخارجية يائير لابيد على تفاصيلها، فأجمعوا على التنديد بها بحسب المصادر الإسرائيلية، لكن العملية وفّرت فرصة أمام إسرائيل لتقديم نفسها للمجتمعين وللعالم على أنها ضحية للإرهاب والتطرف تماما مثل شركائها في قمة النقب، وهو ما يعزز المضمون الأمني بين إسرائيل وأطراف القمة سواء في مواجهة إيران أو أية تهديدات يمكن أن يحملها “الإرهاب”.
اللافت أن إسرائيل وأجهزتها الأمنية لم تبادر إلى اتخاذ تدابير وإجراءات سريعة من قبيل اعتقال أولئك المصنفين كمقربين من تنظيم داعش وأفكاره، كما يحصل حين يشتد التوتر مع التنظيمات الفلسطينية، وبدا أن إسرائيل لا تستطيع أن تحدد بنك أسماء لمن يمكن لهم أن ينفذوا عمليات كهذه، فرئيس الوزراء نفتالي بينيت دعا بحسب ما نشر ديوانه على موقعه الرسمي إلى ” قراءة العلامات التحذيرية عند الأفراد الذين لا ينتمون إلى اي تنظيم” ليخلص إلى ضرورة إحكام السيطرة الميدانية لإحباط العمليات قبل ارتكابها. وقال في تصريح آخر وجهه لطمأنة الإسرائيليين ” قام الجيش وجهاز الأمن العام بزيادة عملياتهم الاستخبارية بشكل كبير من اجل الوصول في الوقت المناسب إلى أولئك الذين يخططون لتنفيذ عمليات”، وأضاف منوّها إلى غموض توجهات أنصار داعش ” وجّهت بالتعامل مع كل من كانت له صلة بتنظيم داعش، وتنفيذ أي إجراء ضروري بما في ذلك الاعتقال”.
لطالما كان موقف إسرائيل من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ملتبسا، إلى درجة دفعت كثيرا من المراقبين والمحللين العرب إلى اعتبار (داعش) صنيعة للمخابرات الإسرائيلية، لم يكن هؤلاء المراقبون ليملكوا أدلة دامغة على ادعاءاتهم المستندة إلى نظريات التآمر تارة، وإلى التحليل لجهة الخدمة الموضوعية التي يقدمها هذا التنظيم السلفي الجهادي لإسرائيل تارة أخرى، لكن مثل هذه الاتهامات لم تقتصر على إسرائيل، فقد سبق اتهام كل من النظام السوري والاستخبارات التركية بأنهما من أوجدا (داعش)، الأول لشيطنة الثورة السورية تمهيدا للإجهاز عليها، وتركيا بحكم الدور الملحوظ الذي لعبته أجهزتها الأمنية في دعم قوى المعارضة السورية ورعايتها.
وبينما يسعى السياسيون إلى تضخيم خطر داعش على إسرائيل، يؤكد عدد من الخبراء والمتابعين لشؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة في إسرائيل، أن لا وجود حقيقيا لتنظيم داعش في إسرائيل، مع إقرارهم بوجود أنصار لهذا التنظيم ممن سافروا أو حاولوا السفر للخارج من أجل الالتحاق بصفوف داعش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى