ليتها تغفرُ الشّوادن !

إيناس رشيد | سوريا

 

“لا تستدر نحوي، انظر من النافذة
أجل، هكذا بالضبط”
وراحَ الوالدُ يتحدّث عن الطفل الصغير كما لو كان دميةً معلّقة في حضنِ النافذة، وبما أنّ الطقسَ بارد، وجلد الطفلِ غير مجهّزٍ بما يحميهِ من البرد، فقد بدأ بالنّحيب وحده، وبصوتٍ مكتوم.
وإذ به ينتصب الوالد من مكانه ليصفع الطفلَ الصغير، وكما تعلمون، يبلغُ الألم الحقيقيُ للصفعةِ أشدّه إذا ما تلقّاها وجهٌ بارد، فيما لو كان وجهُ الطفل أدفأُ قليلاً لكان الارتطام أسهل..
وكما يتكسّر الكريستال، راح وجه الطفل يتناثر قطعاً صغيرة هنا وهناك، تحت الطاولة، بين الكراسي، والقليل منها علق تحت الأظافر..
نظر الوالد مشدوهاً إلى ما حدث، “يال الرعب” نطق بهذه الكلمات كما لو ارتدّت الصفعةُ إليه، ثم اقترب من النافذة، ليجد ابنه يلاعبُ إحدى الشّوادن الصغيرة، في حديقة المنزل، وبهذه اللحظة بالذّات ووسط ضجيج دقّاتِ قلبه، نظرَ الطفل إلى الوالد محدّقاً عبر الزجاج في العينين مباشرة… وابتسم!
بادله الوالدُ الابتسامة، ذلك أنّه يتعيّن على الوالدِ مسامحةَ صغاره.. كان يردد الوالد هذه الجملة على مسمع صديقه، لكنه استشاط غضباً عندما وجدَ قطعةً صغيرة ظلّت متشبّثة تحت الأظافر.
وبعد نفسٍ عميق، نظرَ الوالدُ نحو النافذة، وعاد إلى نقطةِ الصفر للمرةِ الثالثة على التوالي!

” لا تستدر نحوي، هيّا!
انظر من النافذة..
أجل،
هكذا بالضّبط..”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى