لستُ كاذبًا

سجى مشعل | القدس العربية المحتلة

لستُ كاذبًا حينما اضطَّرّ لإخفاء حياتي عن العامّة، ولستُ كاذبًا حينما اضطّرّ ألّا أُجيب عن سؤال خصوصيّ، ولست كذلك أيضًا حينما لا أريد البوح بأسباب حزني أو خَوري، ولست كذلك حينما أُخبّئ كلّ ما قد مررت به عن العامّة، وليس كلّ شخص صامت لا يتحدّث هو شخص كاذب، بل أنت الحشريّ المُتطفّل، أنت الّذي يُبيح لنفسه مباغتة حياة غيره والتّدخّل فيها، ولستُ في صدد تبرير أيّ شيء أفعله، فأنا أسير خفيفًا وأمرّ في حياتك عابرًا فلا تُعلّقني بالملامات والتّدخّل وحتّى بالتّضييق عليّ بالأسئلة.

فأنتَ لا تدري بأنّي أودّ أن أكون مُبهمًا غير مفهوم، أحمل بقيّة أوجاعي، وأرمي ثقلها على الله، نعم لا تدري بأنّي أنظر للعامّة ولكلّ الشّاكين والمُتذمّرين ومن ثمّ أتأسّف على أحوالهم فلا شفقة تصلهم من طرفي، فقد استنفذوا كلّ طاقات مَن حولهم لاستجداء مشاعرهم، أنظر هناك بتمعّن وأقول: يعجبني كلّ شخص حاملٍ أوجاعَه في نفسه لا يُقرّ بها أمام العوامّ ولا الخواصّ حتّى، يعجبني كلّ صاحب قلق يُخبّئه داخله دون بوح أو اقتراض مشاعر، ويلفت قلبي ذلك الّذي يقول أنا بخير رغم قلقه الرّاكن نفسه تحت عينيه، رغم كلّ لحظةِ توجّس كادت أن تُودي بحياته، يجذب نظري واندهاش شعوري أولئك الّذين لا يتحدّثون، الصّامتون غير اللّوّامين ولا البكّائين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى