تغوُّل “كورنا” وأفول كذبة الإنسانية والتديّن المفرط والتخلّي عن كبار السّن أنموذجا”

فيروز بشير شريف | الجزائر

أتصوّر حجم  الألم والخذلان الّذي ألّم بجميع كبار السّن الّذين ماتوا بسبب فايروس كورونا المستجد كوفيد_١٩ في جميع بقاع الأرض..أحمل قلبي،وأضعه في جيبي ثمّ أطلب منه أن يصمد، لكنّه وبفرح شديد يفعل عكس ذلك!

أجد نفسي تتصوّر أحيانا دهشتهم أمام تبرّؤ الجميع منهم، في ظل تغوّل ذلك الكائن اللّامرئي عليهم،أجدها تتصوّر أيضا حزنهم على حيواتهم الّتي أفنوها في خدمة فلذات كبدهم،وأوطانهم،ووظائفهم،وأحبّتهم،وأفكارهم.أجدها تتصوّر حجم فجيعتهم حين رأوا هذا العالم القاسي يدير لهم ظهره،ويطمئن الجميع بأنّ فئة كبار السّن دون غيرها أكثر عرضة للإصابة بالفايروس،وبالتّالي هم أكثر فئة سيغيّبها الموت،هكذا دون أدنى تفكير فيما سيشعرون به !أجدها تتصوّر حجم الأسى الّذي عرفوه جميعا قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة،ثمّ أغرس صوت قلبي في السّماء،وأخبر الرّب الّذي أؤمن بأنّ رحمته تسع كل شيء، بأنّي أنتظر منه وحده ما يعلمه.

فلتنعم أرواحهم بالسّكينة الأبديّة الّتي لن يستطيع غير الرّب منحهم إيّاها.

 لقد تبيّن بأنّه حين ينادي المنادي:”أن لا مفرّ اليوم من الموت.”تأفل كذبة الإنسانيّة المفرطة،والتديّن المفرط أيضا، ليظهر الأغلبية ببدائيتهم الّتي تصارع لتبقى،والشاهد على ما أقوله ما نعيشه اليوم.”فالرّحمة لمن ماتوا بسبب هذا الفايروس،والسّلوان لأحبّتهم،ولجميع من تابعوا أخبار وفاتهم بتأثّر شديد،وليس باعتبارهم مجرّد أرقام شطبت من سجلّات الأحياء،لتسجّل في سجلّات الموتى.”

يقول أتول غواندي في كتابه”لأنّ الإنسان فانٍ،الطّب وما له قيمة في نهاية المطاف.”

“علّمتني كليّة الطّب أمورا كثيرة،لكنّها لم تعلمني أحوال الموت.فمع أنّني أعطيت جثّة جافّة كالجلد لأشرّحها في الفصل الأوّل من دراستي،ما كان هذا سوى طريقة لتعلّم تفاصيل التّشريح البشري.لم يكن في كتبنا الدّراسيّة شيء عن الشّيخوخة أو الوهن في أواخر العمر،أو عن الاحتضار،لم تكن هناك تفاصيل عن هذه المرحلة،وكيف يمرّ النّاس بخبرة نهاية الحياة…”ثمّ يضيف:”كان الهدف من تدريس الطّب ،كما كنّا نفهمه،وكما كان يفهمه أساتذتنا،هو تعليمنا كيف ننقذ حياة النّاس،وليس كيف نعتني بنهايتهم.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى