رؤية نقدية في قصة ” قراءة من وراء الزجاج ” والعاطفة الجياشة

هدى عثمان أبو غوش | فلسطين     

صدرت قصّة الأطفال “قراءة من وراء الزّجاج” للكاتبة المقدسيّة نزهة الرّملاوي هذا العام 2021 عن دار الهدى للنّشر والتّوزيع كريم، في كفر قرع. وتقع القصّة التي رافقتها رسومات منار الهرم في 44 صفحة من الحجم المتوسّط.

 العنوان”قراءة من وراء الزجاج”لافت وجميل فهو المفتاح للولوج إلى جسد القصّة، التّي تنبض بالمشاعر الحزينة، ويثير في القارئ التّساؤلات: لماذا لا تتم القراءة وجها لوجه؟ ولماذا بالذات وراء الزجاج؟ وهل سيتم كسر هذا العائق الّذي أشبه بالجدار الفاصل؟ إذن نحن أمام قصّة فيها معاني الحرّية، لأنّ الجسد مقيّد خلف الزجاج دون لقاء وروح تستنجد بالقراءة ولا تتم إلاّ عبر فاصل بين الجسد وأثير الصوت الّذي يتمّ خلف الزجاج، لنكتشف من خلال تفاصيل القصّة أنّ القراءة تتم خلف زجاج السّجن الّذي يمنع العناق ولقاء الجسد.

في هذه القصّة، تحمل الكاتبة المقدسيّة نزهة الرّملاوي بحروفها وبمضمون القصّة أمواج المشاعر عند الأطفال في غياب ذويهم لسنوات وراء الزّجاج الّذي لا يؤمن بالحرية، وقد تمثلت تلك المشاعر في الطفلة المقدسيّة أميرة التّي تنتصر  بإصرارها الحازم في قراءة والدها الأسير لها القصّة في بثّ مباشر من داخل السّجن ووراء الزجاج ضمن أُسبوع القراءة في مدرستها..

استخدمت الكاتبة الرّملاوي ملامح الجسد وانفعالاته المختلفة لتبرز معاناة الطفلة أميرة، فنجد نظرة الغضب… الحزن والبكاء، الوجه الحائر والقلق، انفعال الجسد بالحنين والاشتياق والّذي يتمثّل من خلال الحوار الذاتي عند أميرة التّي تتساءل “متى سيرجع أبي؟لقد اشتقت إليه.”

الجسد ينفصل عن الأصدقاء ويصاب بالعزلة والوحدة في ساحة المدرسة، الجسد يرتعش بالخوف في زيارتها للسّجن، حركة اليدين من خلال هزّهما بعنف في الدق على الزجاج، انفعال الجسد في نهايّة القصّة من خلال الغناء للحريّة والطفولة وتحول نظرة الغضب إلى فخر بأبيها، وقد كانت  حالة حركة الجسد في القصّة شاملة ما بين الركض الوقوف الجلوس.

خيمت مفردات الحزن في أوراق القصّة حيث كرّرتها الكاتبة خمس مرّات، وكما كرّرت عبارات الإشتياق عدّة مرّات.

عبّرت الكاتبة عن صور الإشتياق من خلال تكرار الحلم بأبيها الأسير مرة حين قرأ القصّة أمام زملائها، ومرة أُخرى عند تخيلها بمناداة أبيها لها حين هرعت وفتحت غرفته.

اختارت الكاتبة أن يتحقق حلم أميرة رغم استحالة حدوثه على أرض الواقع، ربما تحقيق الحلم هو رمز للأمل بالإنفراج القريب للأسرى، وإشارة بأنّ الإصرار الّذي لازم أميرة لم يذهب عبثا، ولغرس قيمة الإصرار والثبات من أجل تحقيق الحلم.

دور المعلمة في المدرسة لم يكن إيجابيا -حسب رأيي-، فقد استخدمت المعلمة وسائل العطف والمشاعر، ولم يغير في حالة أميرة النفسيّة، وكان من الأجدر محاولة إيجاد حلول ومقترحات لمشكلة أميرة؛ لأنّ الأحلام لا تتحقق دائما كما في القصّة، وربما يصرخ أحد الأطفال ممن قرأ القصّة ويقلّد أميرة فيصاب بالإحباط.

ففي إحدى المشاهد في القصّة حين لاحظت المعلمة حزن أميرة وعرفت مدى اشتياقها لأبيها وجهتها فورا للعب، بينما ظلّت أميرة حزينة في جلستها تشاهد الأصدقاء وهم يلعبون.

جاءت الرسومات في القصّة معبرة، وملامح الشخصيات متعبة وحزينة، أنصح بعدم قراءة القصّة في ساعات المساء لتأثير مضمون القصّة المليئة بالمشاعر المحزنة على نفسية الأطفال والأحلام.

وأخيرا نتمنى الحريّة لجميع الأسرى، ونأمل بإستعادة الإبتسامة على وجوه الأطفال وكما وقال الشّاعر توفيق زيّاد:” وأُعطي نصف عمري للّذي يجعل طفلا باكيا يضحك.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى