أرض على صفيح ساخن

أ. د. فيصل رضوان شابون| أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية الطبية والسموم البيئية – الولايات المتحدة الأمريكية

يشهد العالم تزايدا فى موجات الجفاف والسخونة لا مثيل لهما، حيث تسببت فى اندلاع حرائق، ومزيدًا من الفيضانات المميتة فى انحاء متفرقة من العالم.

وقد أدت الأنشطة البشرية المتزايدة – لا سيما فى حرق الوقود الأحفوري fossil fuel – إلى إطلاق كميات كافية من ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحرارى الأخرى، مما تسبب فى حبس حرارة إضافية في الغلاف الجوي والتأثير على المناخ العالمي.

ويشهد عالمنا الآن ارتفاع مستويات البحار ، وذوبان الأنهار الجليدية، وأنماط طقس متضاربة أعاصير مروعة، وفيضانات جارفة، وحيث أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة، حول العالم أكثر حدة وتكرارًا.

 صدر الأسبوع الماضى تقرير شامل عن لجنة دولية (IPCC) مهتمة بالتغير المناخي العالمى بالامم المتحدة، جاء فى 3500 صفحة تقريبًا، يسجل نتائج علمية لما يقرب من عقد من الأبحاث المناخية من قبل العلماء في جميع أنحاء العالم؛ويحذر التقرير بأن هناك القليل من الوقت لتقليص اعتمادنا على حرق الوقود الأحفوري لتجنب التغيرات الكارثية للاحتباس الحراري التي من شأنها أن تغير الحياة على الأرض كما نعرفها.

 ويؤكد هذا التقرير أن حرارة الأرض قد ارتفعت 1.1 درجة مئوية أعلى من مستوياتها قبل الثورة الصناعية أوائل القرن الماضى، وهى تتجه الآن نحو 1.5 درجة – وهى “العتبة الحرجة” — حيث يجب أن لا يتعداها العالم لتجنب تفاقم الآثار المستقبلية. ويتفق العلماء انه لا زالت الفرصة سانحة لوقف هذا الاتجاه السريع للمناخ السيىء من خلال إجراء صارمة لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتى تشكل عبئًا ثقيلا على الغلاف الجوي. وخلص التقرير أن البشر هم من تسببوا في أزمة المناخ ويؤكد أن “تغيرات واسعة النطاق وسريعة” قد حدثت بالفعل ، وبعضها لا رجعة فيه.

وبدون “لف ودوران” سياسى، فقد استخدم التقرير  أقوى صياغة حتى الآن في وصف أزمة المناخ. حيث اكد أنه يستمر الآن ذوبان الصفائح الجليدية، وستستمر في الذوبان؛  وسوف تستمر الفيضانات الشديدة؛ ويستمر ارتفاع مستوى سطح البحر حتى القرن الثاني والعشرين ، وذلك ببساطة بسبب كمية الحرارة التي احتجزتها المحيطات بالفعل.

 في نفس الوقت الذي يدق فيه العلماء ناقوس الخطر، تقول وكالة الطاقة الدولية إن انبعاثات الكربون بأيدي البشر فى طريقها إلى الارتفاع بمقدار 1.5 مليار طن في عام 2021 – وهي ثاني أكبر زيادة في التاريخ – وهو ما اتلف معظم ما حققه العالم العام الماضي نتيجة ركود النشاط البشرى بسبب جائحة كوفيد- 19.

تعد الآثار الصحية نتيجة تغير المناخ فى مجملها سلبية للغاية. حيث يؤثر تغير المناخ على العديد من المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة العامة – كالهواء النظيف ومياه الشرب الآمنة والغذاء الكافي والمأوى الآمن. فى مقال قادم، إن شاء الله، نناقش هذه الجوانب بالتفصيل.

الاطلاع: رابط التقرير الأممي IPCC special report

https://www.ipcc.ch/sr15/

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. يعنى البشر هم أصحاب مل الكوارث الطبيعية
    يعنى حتى مع تقدم العلم فى شتى المجالات، مازال هو أخطر الأشياء على نفسه ، انهم البشر ..أنه الإنسان

    1. اشكرك استاذ طارق على تعليقك. ذاد انبعاث غازات الاحتباس الحراري نتيجة للنشاط البشرى المتزايد فى الصناعة والانتقال والغذاء الى آخره. نحن ليس ضد زيادة النشاط ولكن مع تقنين النشاط حتى لا يكون فيه اسراف يضر بالبيئة والمناخ ولا يحافظ على استدامة الثروات. والله المستعان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى