العشق الصوفي

نداء يونس |  فلسطين

من حوار معي عن نصوصي الشعرية.. سألني المحاور: يلاحظ القارئ لشعرك بشكل عام جنوحا إلى البوح الأنثوي والعشق الصوفي، حتى ان البعض رأى في قصائدك ـ”صوفيّة جديدة للجسد”، فما سر الربط بين هذه الثنائية التي قد تبدو في كثير من أعمالكِ؟

Musa Celik الفنان التركي المبدع 

من رأى فقد علم ومن علم فقد استدخل ذاته منزلة لا يبلغها إلا الشفيف المتمرس ومن دخل فقد استبطن، وأما هذا الذي رأى فقد انكشف إليه عشق؛ كان الجسد فيه مسرحا لتظهير الحب وإظهاره، وهذا التجسيد هو المنحى البشري الطبيعي خارج القيد والتعاليم لتجسيد اللامرئي الأعظم: ألم يقل: “عجلا جسدا له خوار”؟، هنا الحب هو هذا اللامرئي، الحب الذي لا يُرى لكنه يحل ولا يُعرَّفُ لكنه يُعَرِّف ولا يُمتَلكُ لكنه يَمْلِكُ، أما والحالة هذه، فلا تجلٍ أعظم من الصوفي لتجسير هذه العلاقة بين الرغبة وتحققها، ليس في بُعد “الحرمان” لكن في بُعد “السِّوى” والامتزاج الرمزي والمادي.

الصوفية هنا حامل لأكثر أبعاد الارتواء والحلول، وهي أيضا حامل لأعمق أفعال التحدي الفردي والتأثير، أنها الثورة من خلال الجسد فاعلا وشاهدا وشهيدا ووسيطا وواسطة وتوسطا، إنه الجسد ودورانه حول كعبة النص/ الحب أو سمِّ ما شئت من أفعال الحرية وتجلياتها، فما من صوفي إلا وتجاوز حتى فاض وتحدى حتى أرَّقَ، واسترق ذاته حتى رقَّ وعزَّ بها حتى جلَّ، وقضى في الحب حتى بقي. ما من فعل ثورة ما زال ينبض في أوردة التاريخ كالصوفية التي أوجزت فشرحت وكثَّفَتْ حتى كشفت وكانت مكانا للحلول والاتحاد لا الرحيل ولفعلٍ يُبذَل للوصول لا للتلقي كما الحال في الحب التقليدي. الصوفية هي فعل الثورة الأوحد الذي لم يصبح تاريخا؛ بل كتب التاريخ وفعل الحب الأعظم الذي اجتمعت عليه العقوبات كلها من قطع للأطراف وقتل وحرق وذرٍ للرماد في الريح، انها فعل المحو الذي كتَب.

Musa Celik الفنان التركي المبدع

ثم أردف محاوري فسألني: في أي طقس للحب يليق سوى تنورة العاشق، واي جهل؟ ولا اقصد جهل العارف عند تمام المنزلة بل جهالة الرائي عند اكتمال الاستدارة؟

الجسد الصوفي ثائر وعاشق؛ هل لي بوسيط أعظم، بثنائية أجلَّ، كي تحملني ونصي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى