التطورات والتصعيد في فلسطين (3)

نهاد أبو غوش |فلسطين

السلطة والفصائل
السلطة الفلسطينية في وضع لا تحسد عليه، فهي كما في حالات عديدة تضطر لإدانة العمليات حتى لو كان ذلك مناقضا للمزاج الشعبي، الإدانة هذه المرة جاءت على لسان الرئيس ابو مازن لكنها كانت حذرة جدا: ادانة مقتل المدنيين الفلسطينيين والاسرائيليين، تحذير من ردات انتقامية تستهدف الفلسطينيين، تمسك بخيار السلام ، حتى هذا الموقف يثير غضب كثر من الفلسطينيين.
فتح هي الاكثر احراجا ويبدو ذلك من تصريحات مسؤوليها الذين يميل بعضهم الى تاييد العمليات وتمجيد منفذيها كما فعل عدد من المحافظين والوزراء والناطقين باسم الحركة.
الفصائل حتى الان تصدر بيانات تؤيد العمليات، ولكن معروف ان الفصائل لا تستطيع تبني مثل هذه العمليات او توجيه عناصرها لتنفيذ عمليات شبيهة، حماس ما زالت حتى الآن وبعد عشر سنوات من عملية خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم في الخليل تدفع ثمن ذلك باعتقالات متكررة لقادتها، والجبهة الشعبية كذلك دفعت ثمن عملية قتل مستوطنة قرب رام الله (عملية عين بوبين) باعتقالات مستمرة طالت اكثر من 250 كادرا وقياديا، وتصنيف مؤسسات اهلية محسوبة عليها بانها ارهابية.
امتداد الاحداث الى غزة مرهون بحسابات معقدة، لكل خيار مزاياه وكلفته، والمرجح ان تبقى لكل ساحاتها خياراتها، وان تسعى اسرائيل للاستفراد بكل ساحة بوسائل الابتزاز الخاصة بها، وأن لتوسيط جهات دولية واقليمية لضمان التهدئة.
ثمة مناسبة حساسة في الافق تحتمل تصعيدا استثنائيا، وهي اقتراب موعد عيد الفصح عند اليهود واستعداد جماعات اليهود المتطرفين مثل امناء جبل الهيكل لذبح قرابين داخل المسجد الاقصى ، ذبح القرابين هو طقس رمزي ايذانا بالسماح بدخول الاقصى وربما لهدمه او تقاسمه وإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم.
فيما مضى كانت الحاخامية الكبرى لليهود سواء الشرقيين او الغربيين تحظر على اليهود الاقتراب من الاقصى او مجرد دخوله، وتعتبر أن ذلك – دون إذن الرب وغشاراته الخاصة- يمثل اثما كبيرا. لكن المرجعيات الدينية بدأت في السنوات الاخيرة تتساهل ازاء هذه المسالة ، وكذلك الحكومة الاسرائيلية اخذت تتساهل مع هذه الجماعات وهناك قرار لمحكمة اسرائيلية يسمح بالصلوات الصامتة.
نفتالي بينيت نفسه تحدث مرة عن “حرية العبادة” للجميع في ما يسمونه “جبل الهيكل” لكنه تراجع عن هذا التصريح. الان يبدو ان اوساطا اسرائيلية متسعة باستمرار ترى ان الظروف المحلية والدولية باتت ملائمة لدخول الاقصى.
المعروف انه في السنوات الاخيرة كانت هذه الجماعات تقيم طقوس الذبح في اماكن محيطة وتقترب شيئا فشيئا من القدس والمسجد الاقصى : بدات من مستوطنة شيلو شمال رام الله، ثم اقتربت الى القدس، وكل سنة تقيم الطقوس في مكان اقرب للمسجد الاقصى، قرية لفتا، جبل الزيتون، موقع القصور الاموية قرب سور الأقصى، ثم سوق اللحامين داخل البلدة القديمة، كنيس في منطقة باب المغاربة الذي يسيطر عليه اليهود وهكذا، خطة كهذه اذا اقتربوا اكثر واقاموا الطقس ضمن ساحات المسجد سوف تكون خطيرة جدا وايذانا بمواجهة واسعة.

الحكومة الاسرائيليىة
بعد انسحاب عضو الكنيست عن حزب يمينا عيديت سيلمان من الائتلاف، بات الائتلاف المشكل من ثمانية احزاب غير متجانسة في مهب الريح ويستند الى دعم 60 نائبا مقابل 60 نائبا يعارضونه، ولكن من الصعب الاطاحة بهذه الحكومة لان المطلوب توفر 61 صوتا ضدها وهذا صعب لان 6 من بين المعارضين هم من القائمة المشتركة.
ثمة عاملان يحافظان على بقاء هذه الحكومة وثمة عوامل اخرى تضغط لاسقاطها:
عوامل بقائها 1- ان كل أو معظم اطرافها الثمانية يدركون ان مصلحتهم تكمن في البقاء معا مهما كانت الخلافات لان اي انتخابات جديدة سوف تقلص من حجمهم او تخرجهم من الخارطة السياسية.
2- رغبة اميركية والى حد ما اوروبية واقليمية ببقاء حكومة التغيير ( حكومة بينيت- لابيد) لانها في رأيهم افضل من نتنياهو ( نتنياهو استفز الحزب الديمقراطي الاميركي وتدخل في الشؤون الداخلية الايمركية والانتخابات، واستفز اوروبا لانه يقيم علاقات وثيقة مع قوى اليمين الشعبوي وخاصة مع حكام هنغاريا والتشيك)
عوامل اضعاف الحكومة تتمثل في كون رئيس الحكومة نفتالي بينيت يستند الى حزب صغير جدا له ستة مقاعد فقط، ويكاد هذا الحزب ينفرط الآن بعد خروج النائبة عيديت سيلمان، وقبلها النائب يحيعام شيكلي، ووجود اتصالات بين بعض اقطابه مثل اييليت شاكيد ونير اورباخ مع الليكود.
ومن مشكلات هذا الائتلاف تردد أحد أبرز أقطابه حيث ان وزير الدفاع بيني غانتس لا يطيق يائر لابيد ( ربما تقاربهما الفكري والسياسي يجعل علاقاتهما متنافرة ومتخاصمة) ومن المرجح ان يسعى غانتس لفرط الحكومة قبل اقتراب موعد التناوب.
عادة في الازمات الامنية والسياسية الكبيرة من الصعب قيادة اسرائيل ( او اي بلد حتى) من حكومة تستند لاغلبية ضئيلة جدا.

خيارات لأزمة الحكومة الاسرائيلية
1- بقاء حكومة بينيت – لابيد ولكن في حالة من الشلل الذي يجعلها غير قادرة على البت بقضايا اشكالية او تمرير موازنات ومشاريع قوانين.
2- التوجه لانتخابات مبكرة ( حتى في هذه الحالة تتوقع الاستطلاعات تقدما طفيفا لحزب الليكود برئاسة نتنياهو ولكن دون قدرة على تشكيل ائتلاف حاسم)
3- تشكيل حكومة برئاسة شخص من الليكود غير نتنياهو، في هذه الحالة من السهل توفير اغلبية يمينية، لكن صعوبة ذلك تكمن في تخلي اقطاب الليكود عن زعيمهم الذي يحظى بشعبية جارفة في أوساط حزبه.
4- نجاح نتنياهو في اختراق صفوف الحكومة واستمالة عدد من الاعضاء او الاحزاب، وبالتالي قيامه هو بتشكيل حكومة حتى في ظل البرلمان (الكنيست) المضطرب الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى