تابعوا البحث

رياض ناصر نوري – سورية

اللوحة للفنان الرمزي جان ابري 

كثيرةٌ تلك العوالمُ التي ندفعُ ثمنَها

بأوراقِ عملةِ الروحِ الصعبةْ

كأنْ نتسلقَ جدرانَ مخازنِ الشرودِ …

آخرَ كلِّ ليلٍ كي نبصرَ

كيفَ تُخْلقُ الأحلامُ البيضاءْ

ونُصابُ بحُمَّى الخيبةْ

حينَ نجدُها عندَ شروقِ الشمسْ

كطفلٍ يتيمِ  الأبوينِ .

أو نُلقي التحيةَ بالعينينْ .

حينَ نعبرُ الطريقَ

على حديقةِ منزلٍ لا أهلَ فيه

ومحاولةُ تفسيرِنا

حركاتِ زوجٍ منَ العصافيرْ

على إحدى شُجيراتِهِ اليابسةْ ..

هذه المحاولةُ

التي طالما انتهتْ

بزفراتٍ طويلةْ

ورفعُ أكفِّنا ورؤسِنا نحوَ السماءْ .

 

أغلبَ الوقتِ نبدو كأشخاصٍ

غيرِ مهمين..

لهذا أهمَلَنَا كَتَبَةُ التاريخْ ..

لم يكتبوا عنا أيَّ حرفْ

مثلًا.. كيفَ نتألمُ

لمشهدِ فراشةٍ

تبكي وحدتها على ضوءِ النارْ ..

أو بين بتلاتِ وردهْ

أو كيفَ أننانحفظُ عن ظهرِ قلبٍ

تلك التمتماتِ والصرَخاتْ

حينَ تُقالُ عادةً من أُولِي الأمرْ

حينَ يتحطمُ سدٌّ على نهرْ

وكيف أننانعرفُ الأسباب السريّةَ والعلنيةَ

التي أدَّتْ إلى عبورِ الغيومْ

دونَ أنْ تذرِفَ دمعَها

فوقَ أزهارِ البابونجِ البريِّ والأُقحوانْ .

أهمَلَنَا كتبةُ التاريخْ

لأنَّنا نعرِفُ الجذرَ التربيعيَّ الأخيرْ

حينَ يرفعُ طفلٌ

السَّبَّابةَ والوُسْطَى من بين أصابعِ يدِهِ

أمامَ العاصفةِ الصفراءِ

حين تهُبُّ على أرواحنا .

نحنُ أشخاصٌ غيرُ مُهمِّين

أهمَلَنَا كَتبَةُ التاريخْ ..

عنْ سابقِ إصرارٍ وترصدْ ..

لأننا بِتْنا نعلمُ علمَ اليقينْ

عددَ نَبَضَاتِ قلبِ الحمامةِ

إذْ باغتَها الصقرُ الْجائعْ..

 

هلمُّوا ؛

كي نبحثَ عنْها

تحتَ جذوعِ النخلِ…

قد يُرشدُنا شالُها الاحمرْ ..

ربما نجدُ خاتمَ عُرسِها

في عشِّ حمامةٍ بيضاءْ

أو نجدُها تلَوِّحُ بجناحيها للقادمين …

وعلى جيدِها طوقُ

الغارِ الأخضرْ

في يافطةٍ طويلةٍ عندَ مداخلِ المدنِ

لاتيأسُوا ،

فقطْ تابِعُوا البحثْ

ثِقوا بما أخبرتْنا بهِ قبل ألفِ سنهْ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى