الحبُّ هو الحل

موج يوسف | ناقدة و أكاديمية

الفنان التركي المبدع Musa Celik

كتبَ ابن حزم الأندلسي في طوق الحمامة لا يمكن لإثنين أن يتحابّان الا وبينهما مشاكلة واتفاق بصفاتهم الطبيعة، واستند بذلك بقصة أفلاطون مع الملك الذي سجنه ظلماً، فظل أفلاطون يحتّجُ عن نفسه حتى أظهر براءته وعلم الملك أنه ظالم له، فقال له وزيره أيها الملك قد استبان أنه بريء؛ فما لك وله؟ فقال الملك: أجد لنفسي استثقالاً له لا أدري ما هو . فأخبر الوزير أفلاطون بذلك، فما كان على الفليسوف الا أن يبحث صفة واحدة بطبعه تجمعه بصفات الملك لأنه يدرك لو وجد تشابه بين الإثنين بصفة واحدة لتحابا، فرأى أفلاطون أن الملك محبٌّ للعدل كارهٌ للظلم وهذا الميّزة عند أفلاطون فقال: قابلت نفسه بهذا الطلع فأمر بأطلاقي وقال الملك لوزيره قد أنحلَّ كلّ ما أجد في نفسي له.
فما الحبّ وما العشق ولمن؟ ولماذا؟ أصبح هذا المفهوم بوقتنا الحالي كالثوب المهلهل على جسد الفتاة الجميلة، يحمل نظرتين الأولى علنية رافضة له والثاني سرية تتمناه ومشكلتنا بهذي السرية التي مزّقت الكثير من الجمال ، والسلام، والتسامح خشية القول السائد (هذا ضعف). فصارت ممارسات العنف القولي والفعلي تمارس بكل فخر علني. لكنّ لنعد الآن ما الحبّ ومن أين يبدأ؟
بدايته من الذات (برأي) فكلّما أحببنا ذواتنا استطعنا أن نحب الآخر وهذا لا يقتصر على الشخص بل في الكثير من ممارسات الحياتية حتى الموتى الذين لم نقابلهم يومياً قد نقع بحبهم ، فمثلاً أنا أحببت درويشاً والبياتي ، المعري والحلاج بودلير. وأحيانا العمل أو الدراسة أو التخصص.
وقد نقع بحبّ الشخص المختلف عنا والسبب اختلافه. وقد يتبادر في ذهن القارىء سؤال هل الحبّ ينتهي؟ وحتماً نهايته الفراق وصار حاليا (البلوك) إعلان عن نهايته وهذا السائد. لكن نستطيع أن نجعله يستمر لأن الحبّ كالطير يعيش مع الحرية والفضاء الواسع حتى يتجدد ويعود كالبداية والى العش. وحتى أن تلاطمت علينا أمواج الفراق قد تكون هذه بداية أخرى لحرية أكبر فمثلاً أنا أعاني من فراق أبي الذي قُتل منذ صغري لكني حرة من خوفه وقلقه عليّ وأنا أعيش بمدينة تشتهي موت الشباب كلّ يوم، ويزعجني كثيراً ممن يخشى عليّ من الحبّ ولا يخشى عليه من مدينتي المشبعة بالحروب. فقبل أن تحرك سفننا شعراعها الى حبّ الآخر علينا أن نبدأ من ذاتنا ،فبذور الحبّ كما قال عنها د. سليمان العطار بكتابه حديث الروح: القلوب مليئة ببذور الحب الحبيسة المتمردة الحزينة انثروها في أرض كل القلوب التي خلقها الله لتتعطش للحب.
وسوف تنبت حبّاً رائعا في قلوب الآخرين. أحبّوا تمتلئ حياتكم بالجمال والرفاهية فالحب هو الحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى