قراءة تحليلية لنص ( في يدي حفنة صبر ) للسورية هدى عز الدين

عبد اللطيف بن صغير | المغرب

هناك أنواع من الشعراء لكل مذاقه وذوقه ولكل أسلوبه ولكل تميزه ولذلك يجب على القارئ أن يصنف بعينه المتمرسة الخبيرة وبعقله الذي يصنف المفاهيم وبقلبه الذي يبحر في متاهات اللغه وتراكيبها وقد اخترت اليوم الشاعرة هدى عز الدين لأنها حجة دامغة على ما تقدمت به هي شاعرة من نوع خاص جدا هناك من يشبهها من الشعراء وينظم على منوالها إلا أنها تميزت بطعم خاص جدا بها هي تتفاعل باللغة وتنفعل بها ومعها بطريقة رهيفة جدا حساسة جدا شفافة جدا عالية التساكن والتمازج هي لا تستعمل اللغة أداة للتواصل فقط بل هي تستعملها لرسم أحوال نفسية عميقة تحسها تكتسحها هي تركيبات تعطيك إنطباعا وصفا لما يخالجها وتنفعل به وتئن تحت وطأته وبالتالي فالتعامل مع نصوصها يجب أن يكون كتلك العمليات الدقيقة التي يقوم بها الجراحون للإستئصال وكذلك المحلل لقصائدها يجب أن يكون دقيقا وحذرا ليستأصل المعنى ومحاصرته والقبظ عليه سأحاول تحليل قصيدتها الرائعة في يدي حفنة صبر أصدقائي وصديقاتي عشاق الكلمة

في يدي حفنة صبر
في يدي حفنة صبر منذ البداية ندخل إلى عالم الشاعرة اللغوي فالصبر قيمة خلقية إحساس وهي تجسمه وتقول في يدي حفنة صبر هل نرى الصبر هو لا يرى إلا في السلوك وهي تصفه كما لوأنك ستراه وهولا يرى هو إحساس وتبدأ عملية إمتاع القارئ بهذا التركيب اللغوي الرائع

يا صبراً
ما أنا أيوب
ولا إمام عشق
أنا ثمرة من شجرة الحب
أبحر في الفراغ وأمسك بحبل رضاك

يا صبرا بما أنها جسمته فهي تخاطبه وتقول له يا صبرا كما لو أن الصبر سيجيب ما أنا أيوب تقول له أنا لست نبي الله أيوب الذي إشتهر بقيمة الصبر وسيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام نبي إختصه الله سبحانه بقيمة الصبر وجسدها فيه وبسطها في سيرته لأنها قيمة إيمانية عظيمة ولا إمام عشق والإمام هو الذي يتقدم المصلين ويؤمهم ويجب أن يتميز في أصول الشريعة بتفوق في بعض مناحي الدين والخلق حتى يكون إماما فالشاعرة تضع نفسها مع عامة الناس تقول أيها الصبر ما أنا إلا إنسانة عادية لست لا نبيا ولا إماما وهنا تطرح تيمة العشق والعشق هو الحب أنا ثمرة من شجرة الحب وتطرح تيمة الحب بقوة فهي تشبه الحب بشجرة وتشبه نفسها بثمرة من ثماره إذا فموضوع الحب مطروح بقوة أبحر في الفراغ وأمسك بحبل رضاك هنا بدأت تتوغل بنا الشاعرة في تلك التراكيب التي تختص بها وتميزها كشاعرة أبحر في الفراغ هي صورة لا توجد إلا في الشعر فالبحر يسبح فيه وهي ستبحر في الفراغ والفراغ هو اللا شيء أو بالفرنسية le vide وبهذا التشبيه الرائع تبأ معانات الشاعرة الشديدة على نفسها في الظهور

أيها الصبار فم المر لا يأكل إلا التين
أتوسل وأركع للغرام العنيد
اقبل يد الرغبة بقبلة مسمومة ببريق
الشغف
هذا المقطع تصور فيه الشاعرة شدة معاناتها هي تطرح موضوع الحب وهو موضوع جميل تحبه النفوس وهي متمسكة به بشدة ولكن في المقابل تطرح موضوع معاناتها الشديدة على تكوينها البشري إنها معاناة غائرة جدا تسبب ألما فظيعا أيها الصبار فم المر لا يأكل إلا التين والصبار نبات شائك لكي تأكله يجب أن تتحمل ألم شوكه وألم شوكه صعب جدا فحبها ورغبة جسدها كثمرة الصبار التي لكي تظفر بطعمها اللذيذ يجب أن تقتلعها من وسط الشوك والألم الذي يسببه فم المر لا يأكل إلا التين والتين كذلك إذا أكلته عند جنيه من الشجرة يكون مرا كالعلقم أتوسل وأركع للغرام العنيد هي متشبثة بالحب رغم كل هاته الحواجز والصعاب هي تركع للغرام وتتوسل للظفر بحلاوته تشبيه جميل جدا ورائع وهو غرام عنيد مستعص عليها يعذبها أقبل يد الرغبة بقبلة مسمومة ببريق الشغف هنا تطرح تيمة الجسد الرغبة رغبة الأنثى في الذكر وهي غريزة جامحة لا يمكن السيطرة عليها هي ترغب فيها تريدها إلا أن القبلة مسمومة بحواجز المعاناة وألم يمخر عباب الجسد منظر مؤثر جدا حتى إشباع رغبة الجسد محاط بسياج من الموانع الشوكية المؤلمة ولكن شخصية القصيدة متمسكة بالحب وبرغبة الجسد رغم كل هاته الآلام والمعاناة ببريق الشغف لنيل الرغبتين هناك تمسك واستمساك شديدين
عقيدة العشق
لا تستطيع إلا السجود على جبين السعادة
خيالك يأسرني
أسر الشهيد الحى
جنتي بين الضلوع
فهل من عناق؟
هذا المقطع الأخير هو مقطع الخلاص هو ذلك الإسترخاء الذي يناله الجنسين بعد إنتهاء معركة المضاجعة
بقلم بنصغير عبد اللطيف مقاربة تحليلية لقصيدة الشاعرة هدى عز الدين في يدي حفنة صبر

(قصيدة الشاعرة هدى عز الدين)

في يدي حفنة صبر

يا صبراً
ما أنا أيوب
ولا إمام عشق
أنا ثمرة من شجرة الحب
أبحر في الفراغ وأمسك بحبل رضاك
أيها الصبار فم المر لا يأكل إلا التين
أتوسل وأركع للغرام العنيد
اقبل يد الرغبة بقبلة مسمومة ببريق
الشغف
عقيدة العشق
لا تستطيع إلا السجود على جبين السعادة
خيالك يأسرني
أسر الشهيد الحى
جنتي بين الضلوع
فهل من عناق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى